لكتابةِ محمَّد الشرگي نبرَتُها الخاصَّة في الأدب العربيّ الحديث. فمُنذ أنْ أومَضَ شُعاعُ هذه النّبرَة مِنَ البناءِ الذي به صيغَ كتابُ «العشاء السّفليّ» الصادر عام 1987، بدَا هذا العمل الأدبيّ، الحاملُ لخَصائصِ النَّبرَة الذاتيّةِ والكاشفُ عن طريقةٍ لافتةٍ لِتَشابُكِ التّركيب اللغَويّ مع المَعنى، كما لو أنّ ولادتَهُ مُتخلِّقةٌ مِن قلْبِ مَوتٍ خلّاقٍ أوْمَأَ ظِلُّهُ مِن النَّهْر الأورفيوسيّ الذي أطلَّ في استِهلال الكِتاب.
يُقاربُ هذا الكتابُ-الحوارُ، وهو يُنصِتُ لنداء الأخاديد، فكرةَ «العَود الأبديّ»، و«التّجربة الحُدوديّة»، و«الكتابة الغَوريّة»، و«الطيّ الكتابيّ»، و«الغامض في الكَينُونة»، و«الحُبّ على عتبة المَوت»، وغَيرها مِنَ القضايا المُستمَدَّة مِن تَجربَة محمَّد الشرگي الكتابيّة، التي كان مُنجَزُها النّصّيّ شاهداً على تَكثيفٍ شَديد، بدَتْ فيه اللّغةُ مُؤتَمَنةً على القوْل بالطّيّ. وهو التّكثيفُ الذي تأوَّلَهُ الحوارُ مِن زاويةِ ما يُومِضُ في جُغرافيا الرّوح.