الحضارة الأكديّة هي أول حضارة إمبراطورية في التاريخ، وهنا تكمن قوتها وأثرها الدائم والمتواصل، فقد صنعت نمطاً حضارياً عالمياً لأول مرة في التأريخ. في حدود 2350 ق.م، إذ لم تكن هناك سوى أربع حضارات متباعدة قد ظهرت في تاريخ البشرية: (السومرية، المصرية، السندية، العيلامية)، وكان التواصل بينها بطيئاً وصعباً. آنذاك ظهرت الحضارة الأكدية على يد سرجون الأكدي، الذي قام خلال نصف قرن من حكمه بالتوسع في الجهات الأربع للعالم.بدت الإمبراطورية الأكدية كأنها الخيمة التي ربطت بحبالها الحضارات الأربع الكبرى وأقامت الصلات بينها، ونشرت الكتابة المسمارية ومنجزات الحضارة السومرية التي كانت تكتب بكتابتها ولغتها ومعها تقاليدها وتراثها الأكدي، أي تراث الرافدين المزدهر وقتها.فعلتها الحضارة الأكديّة ولم تفعلها أي من الحضارات الأربع الأخرى لأسباب لوجستية، ولتوفر امبراطورٍ طموحٍ وشجاعٍ كان يرغب في جمع العالم في دولة وحضارة واحدة، لقد فعلها قبله الإسكندر المقدوني بألفي سنة. أصبحت الإمبراطورية الأكدية، خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد، في قمة نجاحها، وكانت ثنائية اللغة على نطاق واسع. ثم حلّت اللغة الأكادية، وهي لغة سامية شرقية، محل اللغة السومرية كلغة منطوقة. الحضارة الأكدية نوعية الطابع لأنها اجترحت أموراً جديدة على صعيد العناصر الحضارية الخمسة عشر، فضلاً عن كونها نشرت حضارة وتراث وادي الرافدين في العالم القديم ليكون حافزاً لبناء حضارات الشعوب الفتية والطامحة آنذاك، ولولا توسّع خريطة الحضارة الأكّدية لكان من الصعب أن تتحضر شعوب العالم القديم التي كانت ضمن خريطتها ولتباطأت حركة التحضر في العالم كله.
Share message here, إقرأ المزيد
الحضارة الأكدية