نص الشاعر أنيس رائد الجشي هذا، متعدد، منفتح على فضاء الكتابة في مستوياتها الرؤيوية، فالبنية في «تكوين لذاكرة الهوى» تتألف من جملة شفرات لغوية ذات دلالات شعرية قائمة على التنويع والثراء في المضامين وخلق شعرية جديدة في المركب الشعري؛ بلغة تتحول معها الشيفرة إلى معنى بمنظومة من الدلالات لنقف بالتالي عند احتمالية المعنى وتعدديته، يتمظهر ذلك في النص عبر مدلولات سياقية يقودها نظام لغوي سيمائي ميتا - جمالي يتحرك عبر مناخات ذات بعد تأملي؛ تنفتح على العالم بقوة الرؤيا لتحيا في النص حياة أخرى، أراد الشاعر أن يحررها من زمنيتها. هذا البعد التأملي الغامض هو ما يميز الكتابة الشعرية عند رائد أنيس الجشي بما تعنيه من تضاد وتقاطع وتماكن لفظي وتغاير معنوي لإنتاج منظومة من العلاقات خارج السياقات القائمة في الذاكرة التأسيسية للشعر العربي الحديث.

وللوقوف على عوالم الشاعر الجشي نقرأ له قصيدة بعنوان "نورس الرؤيا":

"ورأيتُ/ نوارس تحلق في رؤى التكاملِ/ وتبتكر الصهيلْ/ ورأيت صدقة فُتاتٍ/ تتساقط من رغيفها المصلوبِ/ لتعتاش عليهِ/ الجرذان الكتبةْ/ ورأيت رفيف جونها/ يبتلع سمك العرفِ/ ويعيد تشكيل رقص تمائمِ الفضةِ/ على منحى البحرْ/ ورأيت/ جرذاناً تتنمر على انكسار الضوءِ/ وتظن أنها منبع الإنارة/ في الطينْ".

يضم الديوان "تكوين لذاكرة الهوى" ثلاثون قصيدة في الشعر العربي الحديث جاءت تحت العناوين الآتية: "بسمة وجنتين"، "بداية الطين"، "رغوةٌ لما تكتمل"، "ثدي لم يتورم بعد"، "نكهة العطر... تونس"، "الفضح آدمي العنب"، "كافية ليل بيروت"، "نثارٌ لإيقاع الروح"، "ذهول بارود"، "نكهة تستفز قيودها"، "لا بأس يا وطني"، (...) وقصائد أخرى.