إن القرآن الكريم نُزّل إلينا لنتدبره ونعمل به، وتدبر القرآن أمر مطلوب فعله من القادر عليه، وأن فهمه وتدبره هو الخطوة الأولى لفعل المأمور به، وإجتناب المحظور عنه، وقراءة القرآن في مصحف فيه تفسير وموجز تتيح للقارئ إذا عمل فكره أن يتأمل فيه ويتدبر معانيه وتذلل له العقبات التي تحول بينه وبين الفهم كوجود بعض الكلمات التي لا يعرف معناها، أو الجمل التي يحتاج فهمها إلى "بيان" وإلى هذا، فإنّ تفسير "الجلالين" يتيح لمن يريد أن يتدبر مجالاً واسعاً، وبذلك يكون النفع من التلاوة أكمل. وقد أثنى على هذا التفسير عدد كبير من العلماء، وكانوا يرجعون إليه حتى في مستوى الدراسات العليا، وقد لقي من الإهتمام حظاً عظيماً، حتى أن بعضهم عدّ حروفه وعدّ حروف القرآن فوجدهما متساويين. وهذا التفسير ألفه أمامان جليلان، كلّ منها يلقب بـ"جلال الدين"، أسبقها زمناً هو جلال الدين المحلي، والمتأخر هو جلال الدين السيوطي. ولعلّ إخلاص هذين الأمامين كان من الأسباب التي مكنت له من التنويع والإنتشار، فليس هناك تفسيراً أكثر منه إنتشاراً وذيوعاً، وقد إنتفع به كثير من الناس.
من هنا تأتي أهمية هذا العمل، من حيث القيام بتهذيبه. حيث رأى صاحب هذا التهذيب، أن الحاجة ماسة إلى وجود تفسير موجز يبقى على محاسن "تفسير الجلالين" ويخلو من المآخذ ليكون بين يدي القارئ. فجاء هذا العمل تهذيباً للتفسير المذكور وتجدر الإشارة إلى أن الإمامين الجليلين قد فسّر كلّ منهما نصف القرآن ومنهجهما. ذكر ما يفهم به من كلام الله تعالى والإعتماد على أرجح الأقوال وإعراب ما يحتاج إليه، وتنبيه على القراءات المختلفة المشهورة، على وجه لطيف وتعبير وجيز وترك التطويل بذكر أقوال غير مرضية، وأعاريب محلها كتب العربية...
Share message here, إقرأ المزيد
تهذيب تفسير الجلالين