كتاب "رحلة غياث الدين النقاش إلى الصين في عهد التيموريين 822- 825هـ/1419- 1422" الذى ترجمه عن النسخ الفارسية والتركية إلى اللغة العربية وحققه ودرسه الأستاذ الدكتورع. السعيد أيقوت، إنجازٌ علميّ نوعيّ متقن، لما ينطوي عليه من قيمة علمية عالية ومنهجية سليمةٍ في الترجمة والتحقيق والدراسة والمقابلة بين النسخ الخطية والمطبوعة واستيفاء المصادر والدراسات والمراجع.
ورحلة غياث الدين النقاش وثيقة تاريخية وأدبية واجتماعية قيمة ونادرة، لأنها تكشف عن طبيعة العلاقات بين الصين وبلدان العالم الإسلامي في غربيّ آسيا في القرن التاسع الهجري، والرحلة تصور لنا أحوال الصين في عهد أسرة مينغ (Ming) وفي زمن حكم الإمبراطور يونغلا (Yongle) الذي حكم الصين بين سنتي 1403 و1424، مما يعزز ملامح الصورة التي قدّمتها لنا كتب الرحالة العرب والمسلمين السابقين مثل رحلة أبي دلف الخزرجي (ت 390هـ /1000م)، ورحلة أبي زيد السيرافي في سنة 227 هـ/851م، ورحلة ابن بطوطة في القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي وغيرها.
والرحلة هذه واحدة من رحلات المسلمين في إطار تبادل البعثات الرسميّة بين الصين والدول الإسلامية في غرب آسيا، فهي قامت بتوجيه من الأمير التيموري بايسُنْقر (Baysungur) بن شاهرُخ، ومما يلفت النظر، وجاءت متزامنة مع رحلات جينغ خه إلى بلدان غرب آسيا والبلدان الإسلامية، وكأنّها ردَّ على تلك المبادرات الصينية الودّية.