يُعدّ كتاب "سير أعلام النبلاء" للإمام شمس الدين الذهبي موسوعة ضخمة لتراجم الأعلام، تلت تأليفه لـ**"تاريخ الإسلام"، حيث قام فيه بجمع شتات سيَر العباد والصالحين وقادة الفكر والجهاد من مختلف الأقطار والمذاهب، لاقتصار غيره من المؤرخين على بُقعة أو صنف. لقد كان الغرض الأساسي للذهبي، وفق منهج السلف، هو استثمار سيرة الأفاضل للنفاذ إلى غايات التربية الروحية، كالزهد، والتوكل، ومحاسبة النفس، مُلخصاً أقوال العلماء والزهاد في ذلك. يتميز هذا الديوان بـإبراز باع الذهبي الطويل** في علم الجرح والتعديل وفي تصنيف الأحاديث من حيث الصحة والضعف، مما يجعله كنزاً للعلم والأدب والتهذيب. وقد اعتمد الذهبي في ترتيبه على "نظام الطبقات" الإسلامي الأصيل، الذي يضم أربعين طبقة تمتد من فجر الإسلام حتى منتصف القرن الثامن الهجري. يشتمل الكتاب على نقد وتحليل للروايات والرجال وإصدار أحكام عليهم بنظرة ثاقبة، كما أنه لم يقتصر على مجرد التجميع، بل أضاف وعدّل على ما كتبه سابقاً في مصنفاته الأخرى، مقدماً بذلك صورة جامعة لـالحركة الفكرية والاجتماعية التي سادت المجتمع الإسلامي المتنوع عبر هذه القرون الممتدة.
Share message here, إقرأ المزيد
سير أعلام النبلاء