كانت أولى مقالات المؤلف، مقالة عن ثورة طانيوس شاهين، التي ما لبثت أن اعتمد موضوعها كرسالة دبلوم للدراسات العليا في جامعة بروكسل في العام 1971.
لا حاجة هنا لبذل جهد في التحليل لإستخلاص الخلفية والمقصد من هذا الإختيار.

ما يجري صراع إجتماعي طبقي، وهذا نموذج أو مثال تأسيسي لكشف الحجاب الطائفي، تليه أطروحة دكتوراه، عنوانها "الحركات الإجتماعية - السياسية في لبنان 1858- 1920" (نوقت في العام 1974)، ثم عودة للتدريس في الجامعة اللبنانية في عام 1975، وتبدأ رحلة طويلة احترف المؤلف خلالها مهمتين: التدريس والكتابة، وفي سياق هذه الرحلة الطويلة، كانت الكتابة الحرّة إلى جانب الكتابة الأكاديمية أداةً لإيصال رأي أو موقف أو تحصيل.

كان هذا تعبيراً عن تفاعل مع الحدث، ومع السياق، ولكنه أيضاً كان مسعى بحثياً لفهم مسألة معقدة، كالمسألة اللبنانية، تبدأ محاولة فهمها من الكتابة عن خلفيات الصراع في القرن التاسع عشر، إلى تفكيك المسار المتعثر للإجتماع السياسي اللبناني وتكويناته من الميثاق الوطني 1943، إلى ميثاق الطائف في العام 1989، إلى مرحلة ما بعد الطائف، إلى تحوّل حزب الله إلى عنصر مؤثر في الحياة السياسية اللبنانية والإقليمية... للوصول إلى مأزق لبناني لا يزال يتفاعل ويتعقد، كل مرّة، تنطرح فيها مسألة توزيع السلطات وحجمها ومنافعها بين زعماء الطوائف حتى اليوم.

إنها سيرة ما كتب أو عيّنات مما كتب، ومسرد تاريخ تقطعه الأحداث والإهتمامات الشخصية، سيرة ذاكرة فردية تتقاطع مع ذاكرة إجتماعية.