في العاشر من كانون الأول 1830، وقبل سبعة أيام من وفاته ينهي سيمون بوليفار، بطل أمريكا اللاتينية، إملاء رغباته الأخيرة، ويرفض الأخذ بنصيحة طبيبه الشخصي الذي طلب منه أداء طقوس الإعتراف، ويقول له صارخاً: ما هذا؟.. هل حالتي سيئة الى الحد الذي يجعلك تطلب مني الوصية والإعتراف؟.. كيف...
في العاشر من كانون الأول 1830، وقبل سبعة أيام من وفاته ينهي سيمون بوليفار، بطل أمريكا اللاتينية، إملاء رغباته الأخيرة، ويرفض الأخذ بنصيحة طبيبه الشخصي الذي طلب منه أداء طقوس الإعتراف، ويقول له صارخاً: ما هذا؟.. هل حالتي سيئة الى الحد الذي يجعلك تطلب مني الوصية والإعتراف؟.. كيف سأخرج من هذه المتاهة!.. هذه الواقعة هي التي تحدد مدى الإقتراب الأسطوري والتاريخي والشخصي الذي وصل إليه غابرييل غارسيا ماركيز في رسم صورة سيمون بوليفار من خلال لغة الرواية. فبوليفار الذي أطلق عليه الشعب لقب المحرر، والذي كان هدفاً لمكايد سياسية وعسكرية، وبطلاً رومنسياً ومثالياً، ينطلق في رحلته الأخيرة مع عدد محدود من مرافقيه، مريضاً ومخذولاً، يتأمل انهيار حلمه في وحدة الشعوب الأمريكية، بعد أن حررها من النير الإسباني. وغابرييل غارسيا ماركيز، في تناوله لتلك المرحلة الفاصلة من التاريخ الأمريكي اللاتيني، يبني عالماً من الواقع، ومن السحر الغرائبي، يغنيه بمأساوية ترفعه الى ذرى لم يصلها من قبل.