"كوبي أبي" واحد من روائيين قلائل يقفون على الساحة الأدبية اليابانية، داخلين في صراع محتدم لوراثة عرش الرواية اليابانية، الذي خلال بانتحار يوكيو ميشيما، دون أن يقدر لأي منهم فوز حاسم، رغم انقضاء عقد ونصف العقد على رحيله.
ولد كوبو أبي في طوكيو عام 1924، غير أنه نشأ في موكدين بمنشوريا، حيث كان أبوه ضمن هيئة التدريس بكلية الطب، وفي نهاية الحرب العالمية الثانية عاد إلى اليابان، حيث تخرج من جامعة طوكيو الإمبراطورية، بعد حصوله على درجة البكالوريزس في الطب، لكنه لم يمارس هذه المهنة قط.
في عام تخرجه أصدر آبي كتابه الأول "لافتة في نهاية الطريق" واحتجب، شأن أبطاله، في رحلة اغتراب طويلة، دامت ثلاث سنوات، ليطل على قرائه من جديد بروايته القصيرة "جريمة السيد س.كاروما" التي فازت بأهم جائزة أدبية في اليابان وهي جائزة أكوتاجاوا.
في عام 1960 فازت روايته "امرأة الرمال" بجائزة يوميوري، وسرعان ما نقل هذا الإنجاز الروائي إلى الشاشة الفضية، في عمل بديع، من إخراج المخرج الياباني هيروشي، الذي حاز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان كان.
وتتابعت أعمال كوبي آبي، فاستقطبت اهتمام القارئ الياباني، ودفعت باسمه إلى مقدمة أسماء الأدباء في اليابان، وترجمت أعماله إلى العديد من اللغات الأجنبية، وفي مقدمتها "الرجل العلبة"، "الخريطة الممزقة"، "وجه الآخر"، "مرحباً بعصر الجليد".
في "الموعد" مثلنا، في الأعمال الأخرى، تأتي البداية حاسمة، كضربة سيف من ساموراي لا يرحم، فذات صباح يستيقظ البطل على وصول عربة إسعاف لم يستدعها أحد، ويصر طاقمها على حمل زوجته إلى المستشفى، وفي غمار الاضطرابات يتم الرحيل، لتندلع رحلة طويلة بلا انتهاء، يقوم بها البطل في رحال المستشفى المقام تحت الأرض وصولاً إلى الزوجة الراحلة.
وفي المستشفة تتكشف السراديب الأبهاء، القاعات، الحجرات، العيادات، المحال، غرف العمليات عن عالم موحش، يقوم برحلة دائرية، مع المرض، مكرساً فلسفة تجعل من المرض طريقة حياة، ومن معانقة المرض شرطاً للحضارة، تتراص علامات الاستفهام، نتتابع الألغاز، تنهار المسافات، تضيق حلقات الحصار، وحين يصرخ البطل ضائعاً، وهو يعلق الأسمنت بحثاً عن قطرة ماء، تكون رحلتنا نحن قد بدأت.