-
/ عربي / USD
الماضي كما المسافة، يتناقص نظرنا ويضيع فيه، وهكذا هو التاريخ إذا لم يضع مشاعل في النقاط الأكثر تعتيماً (buffon).
قبل الحد... يث عن تاريخية إيرفد وحاضرية ماكينزي في لبنان، علينا التمييز بداية بين تاريخ الفكر وفكر التاريخ. إذ لسنا بصدد المأرخة أو الحديث عن تاريخ إيرفد وخططها الاقتصادية والتنموية والمؤسساتية في لبنان، لنجعل من سنة 1958 على سبيل المثال أساساً موجِّها لهذا العمل. وإذا كان هذا التاريخ مُحدّدا، فتحديَده يتمحّور حول بداية الفعّالية التخطيطية والبنائية للمواكبة والملاءمة ولمسايرة التطور والمحيط، أكان لجهة النمّو والتنمية أو لجهة التفعّيل الإداري والمؤسساتي أو حتى لجهة السياسات الداخلية والخارجية والاستراتيجيات والخطط المستقبلية، وصولاً إلى البناء بالبشر والبناءات كافة. فهذا ما يضيء الطريق للحديث عن فكر التاريخ، أو بعبارة أدقّ عن فكر إيرفد في ذلك التاريخ، وماذا قدّمت وعلى أية أسس أقامت دراساتها. وما يهم من ماكيزي ليس تاريخ أفكارها إنما فكرها اليوم وخصوصا فكرها اللبناني بالذات. إن إدراج هذا العمل ما هو إلا محاولة لفهم طبيعة تفاعل النظام السياسي اللبناني وملاءمته مع البنية الاجتماعية، لجهة القدرة أو عدمها على استيعاب أي تحديث من شأنه أن يُخلّ بتوازنه السلبي أي دينامية تحديثية تهدد هذا التوازن. فمنذ الجمهورية الأولى (1926)، يتعرض لبنان لمساءلة أساسياته البنيوية ولتمزقات تُغرق المجتمع وتجعل السلطة عاجزةً عن اتخاذ أي قرار تفرضه الضرورة، ويُترك الميدان للضرورة بما تمليه علينا من خطط واستراتيجيات تخرجنا من أزمةٍ وتدخلنا آتونَ أخرى تنبئ باستحالة التوازن.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد