"مضى ما يقرب من الشهرين، ويوم عودته، بعد أن سلّم علينا وسألنا عن أحوالنا قال: لقد أخذت إجازة 20 ‏يوماً، سوف أصلح السور، وبسرعة بدأ العمل.‏ 

‎ في اليوم الأوّل أنزل الحجارة، وفي اليوم التّالي... وعندما أراد أن يبدأ ببقيّة العمل قدم أحد الشباب من ‏الحرس بطلبه، تحدثا، ثمّ جاء ونظر إلى عينيّ بحيرة، وقال: لقد طرأ عملٌ مهمٌّ، يجب أن أذهب... أحسست ‏للحظة بغليان في وجهي، وأنزعجت كثيراً... حاول أن يُهدِّئني... ولم يُفلح، ماتت البسمة على شفتيه... ‏وأصبح أكثر جِدّيّة، ولكن صوته كان يقطر حناناً وقال: انظري، أنا منذ طفولتي وأوّل شبابي!...‏ ‎

‎ وحتّى عندما كانت في القرية، لم أصعد إلى سطح بيت أحد ولا تسلقت جدار أحد، ولا نظرت إلى امرأة ولا ‏إلى عرض أحد، وأقول لك الآن:... واطمئنّي أيضاً أنّه لن يزعجك في هذا البيت أي مخلوق، لأنّي لم أزعج ‏أحداً، لا تخافي... كلماته كانت كالماء البارد على النار.‏ ‎
‎ عندما عاد من الجبهة سألني: في هذا الوقت الّذي مضى، هل أتى لصٍّ أو أيٍّ شيء آخر أم لا؟ قلت: لا... لقد ‏كان لكلماتك أثر كبير لدرجة أنّنا عشنا براحة بال".‏