-
/ عربي / USD
يعدّ التفكير قيمة من القيم التي حرص الإسلام على العناية بها والإهتمام بأمرها، وتوفير كل الظروف الملائمة لجعلها واقعاً حياً بين الناس لأنها وظيفة العقل الذي من أجله استخلف الله تعالى الإنسان في الأرض.
والتفكير الفلسفي يساعد الإنسان على الحفاظ على هذه القيمة نقية من الشوائب بالتخلص من الكثير من الأوهام والخرافات التي يرفضها الدين أيضاً، ويساعد على تجنب إصدار الأحكام المطلقة في المسائل الخلافية، كما يساعد على التحرر من التقليد الأعمى الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: "لا تكونوا إمّعة".
ويساعد الإنسان في مهمة البحث عن اليقين في شتى المسائل الفكرية بأدلة المنطق وبراهين العقل حتى لا يظل أسير الظنون التي لا تغني من الحق شيئاً، وفضلاً عن ذلك فإن الدعوة الإسلامية في الغرب في حاجة ماسة إلى عقلية فلسفية تعرض الإسلام عرضاً يتناسب مع المستويات الفكرية والثقافية في عالم اليوم، كما أن قطاعاً كبيراً من المثقفين في العالم الإسلامي في حاجة أيضاً إلى مثل هذا العرض الفلسفي للإسلام.
بالإضافة إلى ذلك فإن المذاهب السياسية والتيارات الفكرية والإقتصادية والإيديولوجيات المختلفة التي يموج بها عالم اليوم لا يمكن فهمها فهماً سليماً إلا بالرجوع إلى أصولها الفلسفية، فكل منها يعتمد على أصول فلسفية لا بد من دراستها وفهمها لمعرفة خلفيات التيارات التي تتصارع في العالم المعاصر، والمسلمون لا يعيشون وحدهم في هذا العالم الذي أصبح مثل قرية صغيرة.
من هنا، فلا بد من فهم ودراسة ما يدور حولهم حتى لا ينخدعوا أو يضللوا، وإلا فإن الطوفان سيجرفهم في تياره، فالبث المباشر قد أصبح واقعاً مُعاش في كل لحظة، وليس بالإمكان مواجهته سوى بالدراسة الواعية والفهم العميق والأفق الواسع والعقلية الفلسفية الناقدة، من هنا فلا مفر من التفكير الفلسفي.
من هنا، يأتي هذا الكتاب الذي يحاول المؤلف من خلاله إلقاء الضوء على بعض المفاهيم الهامة التي لها آثارها البعيد في الفكر الإسلامي المعاصر، فلا يخفى على أحد ما للفهم الصحيح للدين من تأثير إيجابي عميق على تفكير المتدينين وسلوكهم، كما لا يخفى على أحد ما للفهم الخاطئ من آثار خطيرة، تتمثل في الإنحرافات الفكرية، وموجات والتعصب والإرهاب.
والمسلمون اليوم هم أحوج ما يكونوا إلى إستيعاب الدروس المستفادة من التراث التنويري لائحة عظام مثل الغزالي، وابن رشد، ومحمد عبده حتى تظل رؤاهم المضيئة وأفكارهم المستنيرة تعيش معهم نابضة تنشر أضواءها في كل مكان، وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للدين؛ فإن الأمر لا يقل أهمية وخطورة بالنسبة للفلسفة التي تعتمد العقل الإنساني أساساً راسخاً للدور الذي تضطلع به في حياة الأفراد والجماعات على السواء.
وللخروج من متاهات الفهم الخاطئ للدين من ناحية، ومن متاهات الضلال العقلي من ناحية أخرى، لا بد من تحديد المفاهيم وتوضيح الأفكار وبيان وجه الحق فيها حتى تتضخ أمام الناس، وبخاصة أمام الشباب، وعلى هذا كان لا بد من هذه الأبحاث، التي يسعى د. زقزوق من خلالها إلى تسليط الضوء على أئمة وعلماء التنوير المسلمين، من هؤلاء الفيلسوف المسلم ابن رشد، الذي يعدّ واحداً من عظماء التنوير في العالم، الذي سعى الباحث إلى توضيح مفهوم التنوير في فكره.
بالإضافة إلى ذلك لم يكن من الجائز، وفي هذا الصدد تجاهل رائد الإصلاح والتنوير في العصر الحديث وهو الشيخ محمد عبده الذي كان لفكره الديني والفلسفي تأثير واضح وفي العالم الإسلامي بصفة عامة، وقد تم التركيز هنا على وجه الخصوص، على إبراز مكانة العقل في فكره، هذا وقد اشتمل الكتاب على أبواب خمسة جاءت مواضيعها على النحو التالي: 1-الدين والفلسفة والتنوير، 2-حقائق إسلامية في مواجهة حملات التشكيك، 3-الإسلام ومشكلات المسلمين في ألمانيا، 4-من أعلام الفكر الإسلامي الحديث، 5-ثلاث رسائل في المعرفة للإمام الغزالي لم تنشر من قبل.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد