حين تغرز السياسة واقعاً هجيناً في مكان وزمان معنيين، يكون الأدب شاهداً على العصر، يقول كلمته في وجه واقع جائر، مقام هذا المقال ما سيرويه لنا حميد العقابي عن رحلة بطله داخل السجون العراقية وخارجها، حيث يغطي في روايته "الفئران" عقود من عمر المأساة العراقية، فتنهض الوقائع...
حين تغرز السياسة واقعاً هجيناً في مكان وزمان معنيين، يكون الأدب شاهداً على العصر، يقول كلمته في وجه واقع جائر، مقام هذا المقال ما سيرويه لنا حميد العقابي عن رحلة بطله داخل السجون العراقية وخارجها، حيث يغطي في روايته "الفئران" عقود من عمر المأساة العراقية، فتنهض الوقائع المروية، المتذكرة، والحاضرة، قبل وبعد حرب العراق الأخيرة في العام 2003. ليقول لنا ماذا فعل الجلاد بالضحية، ويرصد انعكاس ذلك على الأفراد والجماعات والوطن.
وفي الرواية، يتم إلقاء القبض على مجموعة من الناس ويتم سوقهم من المدينة إلى السجن، والمسألة لم تكن إلقاء القبض على سياسين معارضين، فالمعارضة كلمة محذوفة من قاموس الحياة اليومية للمواطن العراقي منذ اعتلاء السيد الرئيس عرش الوطن، "فأنتم مواطنون صالحون في هذا البلد العزيز" هكذا وصفهم الضابط/ السجان، وعندما أراد المواطنون الصالحون معرفة السبب جاءت الإجابة "كي تكونوا فئران تجارب، نعم.. نعم.. فئران تجارب" ليكتشف هؤلاء أنهم يسدون فضلاً جميلاً على الوطن، عندما تجرى عليهم تجارب لتصنيع أسلحة كيمياوية أو جرثومية، وأن الموت واحد سواء أكان بتجارب كيمياوية أو في داخل السجن وعليهم أن يستعدوا لقدرهم!؟
(الفئران) رواية لقسوتها تبعث على الضحك والبكاء في آن واحد، في وطنٍ حوَل أبناءه إلى فئران، ويبقى لنا أن نسأل هل يستطيع الأدب، إصلاح ما أفسدته السياسة، ربما يكون الجواب لا، ولكن حسبه أن يحاول.