-
/ عربي / USD
لا أحد من المثقّفين العرب في القرن العشرين وَضع المثقّف في عين النقد مثلما فعل إدوارد سعيد في كتابه (تمثيلات المثقّف) وعلى نحو عالمي بحيث ينطبق في أحيان غالبة على كل أحوال المثقّف الحديث في العالم.عاش سعيد عمره مثقفاً راديكالياً يرفض الظلم، ومنه ما وقع على أنطولوجيته الفلسطينية، وعاش حياةً يكافح الظلم أينما حلّ، هو الذي عرفناه مترحِّلاً في منافيه في الشرق والغرب حتى وفاته.لكن سعيداً ما ترك حياته في هباء منثور؛ إذ كتب باكراً من عمره وبقي يواصل الكتابة الضديَّة حتى النفس الأخير، أقول "الكتابة الضديَّة" وعلى نحو جذري وهي من سمات المثقّف الراديكالي من دون احتفاء ساذج بالكتابة ليس لأجل ذاتها إنما من أجل قضية الإنسان مسلوب الوطن، لكن سعيداً لم يكن يوماً مسلوب الإرادة، وهذه سمة ثانية من سمات المثقّف الراديكالي اليساري مقارنة بالراديكاليين اليمينيين المحافظين كما نفهم صعودهم أواخر القرن العشرين.وهكذا لم يفهم سعيد المنفى كبؤرة مكانيَّة تحميه من سهام الغير وهو الذي اخترق أنطولوجية الغير منذ البداية عندما جعل من "الآخر" موضع تأمُّل؛ بل جعله موضع كل تأمُّلاته في كُل ما كتب مدفوعاً برؤية راديكالية، غير عدائية، فبدلاً من العداء الفارغ للآخر استثمر سعيد هذه الموضوعة استثماراً ناجحاً لقول الحقيقة، وهذه سمة أخرى من سمات المثقّف الراديكالي.فصول الكتاب تكشف عن بعض سمات هذا الكاتب المتفرد وتحاول الذهاب بعيداً في تأمل ظاهرته وتحليل جوانب جديدة من مشغله المؤثر.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد