يسعى رجب شانتورك في هذا الكتاب إلى تشريح شبكة الحديث النبوي الشريف الممتدّة عبر أكثر من ألف سنة مستعملاً أحدث مناهج عِلمَيِ الإجتماع واللسانيات، ويوظّف قراءات كميّة وكيفيّة يغوص من خلالها في كتب الحديث واصوله وكتب الرجال والتراجم والتاريخ، متتبِّعاً خصائص نقل الحديث بين الرواة على تنوّع طبقاتهم فينتهي إلى نتائج علميّة مفيدة من شأنها أن تقرّبنا من آليات إنتقال علم الحديث وضروب العلاقات التي تربط بين الرواة شيوخاً وطلاباً؛ ضمن الطبقة الواحدة أو بين الطبقات المختلفة.
إنّ هذا الكتاب يقدّم إحدى المحاولات التي يقوم بها أحد علماء الإجتماع؛ لكشف شبكة رواية الحديث عن المصادر التاريخيّة القديمة، وتحليلها بإستعمال أحدث الوسائل التحليليّة الكمّية والكيفيّة، ويبرهن على أنّ التحاليل الآنيّة والتاريخيّة لا تغطّي شبكات بنية خطاب الجيل الواحد، والخطاب العابر للأجيال، المستعملة في مسار تشكّل الهويّة والسلطة.
ويستنتج الكاتب أنّ هذه الشبكات السرديّة تعمل بإستمرار في العالم، حتى وإن لم نكن على علم بها، فإننا نظل جزءاً منها؛ ويلاحظ الباحث أن الحديث النبوي الشريف يُعدُّ جزءاً من رأس مالنا الذي يمثّل مصدر هويتّنا، وتقوم مقاربته على القول بوجود إرتباطات عميقة ومَرِنة ومعقّدة بين الأقوال والأفعال، وعلى إستثمار التفاعُل بين الأنماط الإجتماعيّة والخطابيّة.
وقد انتهى الكاتب إلى أن طبقة العلماء البارزين ترتبط إرتباطاً وثيقاً بذاتها، بينما يضعف إرتباطها بالطبقات السابقة واللاحقة، وقد صمد هذا التشكّل في شبكة نقل الحديث بين العلماء البارزين على مدى ما يقرب من ألف سنة، تمتدّ بين القرنين السابع والسادس عشر الميلاديين، وتمتدّ على مناطق شاسعة من سهوب آسيا الوسطى إلى حدائق إسبانيا.
Share message here, إقرأ المزيد
البنية الاجتماعية السردية : تشريح شبكة رواية الحديث النبوي 610-1505م