مدار الموضوع الذي أتناول على «الذّاتيّة» و «الغيريّة». فالذّاتيّة (الإنيّة المتعالية) في الثّقافية الغربيّة الحديثة تُعدّ المركز الذي تنطلق منه في مجالي الفكر والسّلوك لما يبدو من غياب «الغيريّة» (altrit / otherness/التّعامل مع الآخر) في ممارساتها الحضاريّة عامّة, وهذا ما دفع على سبيل المثال الفيلسوف الفرنسي إيمانويل لوفيناس (E.Levinas)ثم ّ نظيره جاك درّيدا (J.Derrida)إلى استحداث التّفكير في هذه المسألة (أي الغيريّة, أو كيفيّة التّعامل مع «الآخر») ولا سيّما من باب «الاستضافة». وفي المقابل نجد في الثقافة العربيّة القديمة ما يدلّ على التّرحيب بالآخر/ الغريب؛في المكان, وفي الأدب, وفي الحضارة (الثّقافية). وقد بدت الاستضافة العربية في المعلوم قيمة أخلاقية, ثم أدبية فنية, ثم حضارية ثقافية, حيث تدرّجت من الماديّ المحسوس إلى المعنويّ العقليّ, فجمعت بين الفعل الأخلاقيّ والشّكل الأدبيّ والنّصّ المهاجر أو المترجم. ويمثل الجاحظ نموذجًا حضاريًا لهذا التّقبّل فيما كتبه, وإنّ كتابه (الحيوان) ليعتبر أنموذجًا له؛ سلوكًا وعلاقة بـ «الآخر» من باب الكيان ومن باب النّصّ.
Share message here, إقرأ المزيد
استضافة الغريب في الأدب العربي القديم