للفتوح الإسلامية الأولى أهمية بالغة في تاريخ العرب والعالم. وقد أولى المعنيون بالتاريخ منذ فجر الإسلام اهتماماً بأخبار الفتوح، ولما عم التدوين ظهر عدد غير قليل من المصنفات. كما انصب اهتمام الباحثين القدماء والمحدثين على سرد خطوط سير الجيوش والمعارك التي خاضوها تبعاً لتعاقبها الزمني، غير أن القلة منهم عنوا بالقوات الإسلامية تعبئة وتركيباً وتنظيماً.
الدراسة في هذا الكتاب راعت سير الحركات والمعارك الكبرى، فوصفتها باقتضاب، إلا أنها تناولت بحث الفتوح تبعاً لجبهات القتال، فركزت أساساً على الجوانب التنظيمية لقوات العرب وقوات الأعداء، خصوصاً ما تعلق منها بالأسلحة وميادين التحرك والالتحام، مما كان له الأثر الدائم على التنظيمات التي وضعها العرب.
فالبحث يركز على دور الأمة ومقاتلتها، وأعمال الهيئات الحاكمة من خلفاء وولاة، ويحاول إبراز الثوابت في النظام وعوامل تكونه.
وتبرز هذه الدراسة الجوانب التي لم تلق الاهتمام الجديرة به، فجاءت الصورة العامة التي يقدمها هذا الكتاب مبنية على حقائق كثير منها جزئي متفرق في ثنايا كتب منوعة، وذكر كثير منها عرضاً دون توضيح أو تقدير لأهميته.
وبجمع هذه المعلومات من عشرات المصادر وتوثيقها ووضعها ف إطارها الصحيح، يكون هذا الكتاب قد أدى خدمة كبيرة لقراء التاريخ والباحثين فيه.