في هذا الكتاب الجديد, يرى فاضل الربيعي أن تحرير الأرض ــ أيّ أرض محتلة
سيظل لعقود طويلة وباستمرار, أخف وطأة وكلفة من تحرير عقول البشر من الأكاذيب
التي زرعت بشكل مُمنهج في ذاكرتهم المنهوبة. قد يتمكن البشر الذين يقعون ضحية الاستعمار من تحرير أرضهم يوماً ما, لكنهم قد لا يفلحون قط في اقتلاع الترهات التي زرعها المستعمر في عقول أجيال وأجيال. هذا هو جوهر نظرية الكتاب الجديد الذي يقدمّه فاضل الربيعي لقرائه. بهذا المعنى أيضاً, تبدو قراءته استثنائية, فهو يرى أن نظام التعليم في الشرق الأوسط أرسى فهماً خاطئاً للنقوش الآشورية والسبئية اليمنية القديمة, حين درج الباحثون والدارسون للتاريخ الآشوري, مثلاً, على تخيّل الأحداث, ضمن جغرافية الأناضول وأرمينيا ومصر وفلسطين في وقت واحد. إن القراءة التي يقدمها في هذا الكتاب, تنسف كل الهراء الاستشراقي؛ بل وتفنّد كل أساس واهٍ قامت عليه, فالأحداث لم تقع, لا في قلسطين ولا في الأناضول ولا في أرمينيا؛ بل في أرض اليمن القديم. وكما يرى الربيعي, فخليق بنا جميعاً, ونحن ندخل السجال حول هذا الجانب المسكوت عنه من عمل علماء الآثار من التيار التوراتي, والذي هيمن ـــ بكل الوسائل المتاحة ـــ على حقل التنقيب في العراق وسورية ومصر ولبنان وفلسطين والأردن واليمن, أن نتأمل بعمق في أسس النظرية النقدية التي يعرضها كنظرية بديلة عن القراءة المهيمنة والسائدة.