منذ قصص الجاحظ وأخباره ومروراً بالمقامات العربية وانتهاء بزمن الرواية والقصة القصيرة في العصر الحديث؛ تتمحور موضوعات الكتاب حول الدراسات السردية التي اتكأت على المناهج النقدية الحديثة.
في القديم تناول الكتاب في فصله الأول: الخطاب القصـصي في قصة «قاضي البصرة والذباب» للجاحظ، وفي الفصل الثاني: سردية التواصل وتوليد المعاني في المقامة الموصلية لبديع الزمان الهمذاني. أما الفصلان الثالث والرابع فتناولا دراستين تمركزتا حول السرد الحديث، الأولى بعنوان: الثنائيات الضدية وبناء الدلالة في رواية «حَـارس السَّـفينة» لعبدالله ناجي، والثانية بعنوان: توظيف الصوت القصصي في القصة السعودية القصيرة.
إن ما في هذه الفصولِ مقاربات نُشِرَتْ صورها الأولى في بعض المجلات العلمية المميزة، تناولت فيها البناءَ السردي ودلالاتِ الخطاب، وبناءَ المعنى، وتوصّلتْ الدراسات إلى نتائج لا أزعم أنها جديدة ولكنني حاولت جاهداً أن ألقي الضوء على حقول سردية رأيت فيها الأرض المفعّمَة بالعطاء، وهي محاولة في الجمع بين القديم والحديث في دراسة السرد العربي، وهي أمنيةٌ تتساوقُ مع أمنيةِ العلامة محمد الفاضل بن عاشور عندما تمنّى أن يرى الدراسات العلمية تسير على الطرائق الأصيلة للثقافة الإسلامية العربية متصلة بالطرائق الحديثة التي تسير عليها الجامعات الجليلة في أوروبا، فتعرف هذه لتلك منزلتها، وتفيد تلك من هذه وضعيّتها ومنهجيّتها، باحثاً عن ثمرة الالتقاء: زكاء عنصر وبعد صيت.