إزاء ما تعيشه الشعوب من تطرّف وتعصّب يؤجّج صراعاتِها، يتعاظم السؤال: هل الهويّة معطىً قبْليّ وجاهز تنفرد به جماعة، أو هي مفهوم يتكوّن مدى الحياة؟ وقع اللبنانيّون ضحيّةَ تجاذبٍ حادٍّ من جرّاء هذيْن الاتّجاهين، فلم يستقر لبنان على حال، واللبنانيّ في بحث دائم، واستعلامٍ يستشرف آخرَ، في ما يتعلّق بهويّته وانتماءاته وجذوره: ما الذي يحدّد هويّته؟ وما العناصر التي تتشكّل منها هذه الهويّة؟ أيملك اللبنانيّون هويّة واحدة أم هويّات متعدّدة؟ هل تتجاذبُهم انتماءاتٌ، وتصدِّعهم ولاءاتٌ تعصف بها الأهواء؟ يبحث هذا الكتاب في مجموعة روايات تطرح أزمة الهويّة اللبنانيّة؛ لكن لا بدّ للتخييل من قدرة على تخطّي الواقع، وزرع بذور التغيير، وإلّا فإنّه يخاطر بفقدان الإلهام والتحفيز. إذا اكتفت الروايات برصد التشظّي والتمزّق، فإنّها، على الرّغم من أهميّتها التوثيقيّة، تبقى ضمن إطار النقد أو التحليل من دون المساهمة في بناء المستقبل. أمّا إنِ استطاعت استشراف حلول، فإنّها تؤدّي دورًا تغييريًّا في إعادة تصوّر هويّة جامعة للبنان.
Share message here, إقرأ المزيد
الهوية المفقودة والانتماءات المتعددة : دراسة ثقافية في الخطاب السردي