أحد الموضوعات المركزيّة التي تخترق سلسلة الكتب والمقالات الفلسفية التي نشرها ستيفن تولمين منذ عام 1948 هو الوجه الذي يمكن به القيام بتعليل عقلي للتصريحات والآراء المتعلقة بكل أنواع المسائل الدراسيّة، والتي يجري طرقها في الحياة اليومية أو ضمن البحث الأكاديمي. هل يوجد نسق كوني كلّي من المعايير يجب الإعتماد عليه في الحكم على كل أنواع الحجاجات في جميع أنواع الحقول، أو يجب الحكم على كل نمط من الحجاج بالرجوع إلى معاييره الخاصة به؟
بعرض تولمين في كتاب إستعمالات الحجاج (1958) آراءه بخصوص هذه الأسئلة لأول مرّة، وإذ يواجه بصرامة المقاربة "المضيّقة" بشأن الإحتجاجات الإعتيادية كما هو معمول به في المنطقين القياسي والحديث. يعمد - متوافقاً مع ممارسة قائمة في الحقل القانوني - إلى الدفاع عن مفهوم للصحة إجرائي أكثر مما هو صوريّ. ويرى تولمين أن بعض العناصر الثابتة (الثوابت في الحقل) يمكن الإحاطة بها من خلال الطريقة التي ينمو بها الحجاج. في حين أن هناك ضمن كلّ حالة أيضاً بعض العناصر المتغيّرة (التوابع للحقل) فيها يخص الوجه الذي يجري به الحكم عليها. إن مقاربة تولمين التي هي أكثر سعة ورحاية تستهدف خلق منطق إيستيمولوجي ومعرفي إضافي يراعي كل نمطي العناصر.
على الرغم من الإسهامات النقدية البدئيّة للمناطقة والفلاسفة الآخرين، يُعدّ كتاب إستعمالات الحجاج منذ أكثر من أربعين سنة مصدراً للإلهام في أوساط الدارسين للحجاج من كل الخلفيات التخصصية. ليس فقط فيما يخص آراء تولمين بشأن خاصّية التابعيّة للحقل التي تسمُ معايير الصحة، بل كذلك فيما يتعلّق بنموذجه المتمثّل في "أنسوقة الحجاجات". وما يتّصل بها من توصيفات يتضمّنها هذا النموذج للخطوات الوظيفية ضمن العملية الحجاجيّة، التي جعلت من هذا الكتاب عمدة في مجال الدرس الحجاجي الحديث.