تتنوع موضوعات النصوص الواردة في هذا الكتاب تنوع الوجود والحياة، وما يقابل البشر من أقدار وما ينتابهم من أهواء وما يحكم وجودهم من شروط هي ذاتها شروط الوجود الإنساني وتحديداته الصلبة، ناهيك عن العلاقات الإجتماعية التي لا تقل صرامة عن قوانين الطبيعة التي ما تزال لها السيادة العليا على الكون الصحراوي الذي يحيل القاصٌ تفصيلاته ووقعائه وعناصره إلى مادة للتأمل حول الأسئلة الأبدية عن الإنسان والوجود والموت والله ومغامرة الإنسان في العالم.
ولعلِّ من فضائل الكاتب الأساسية أنه لا يتجنب النظر في الأشياء كما هي على حقيقتها، وإنما لديه ما يكفي من الشجاعة للتفرّس عميقاً في نقص الإنسان وحدوده الذي رغم تاريخه المديد ما تزال تستبد به نزوات وعواطف البهيمية الأولى؛ فما زال الإنسان يمارس القتل ويبرره طمعاً في السلطة والنفوذ والذهب "وهل يصير الإنسان سلطاناً دون إن يضطر إلى قتل أخيه" كما يقول الإمام في قصة (السلطان)؛ وما زالت المرأة تستدرج الرجل خلف سراب المتعة دافعة إيَّاه نحو متاهة البحث عن الثورة وبالتالي الهلاك، كما لو أن إمتلاك الحبيبة يمرُّ بالضرورة بإمتلاك الذهب (قصة السيل)؛ وما زالت السجون تعجُّ بالمنفيين والغرباء كما لو أنها أساس لضبط العلاقات في المدينة (قصة القفص).
لكن الكوني يقِّدم لنا وجهاً آخر للإنسان، بل قلْ وجوهاً، ففي قصة (نذر البتول) تكتشف "تازيديرت" كيف تكمن الحرية في الموت؛ وفي (طائر التحس الذهبي) تفجِّر فينا "لوعة الأم على الولد" إحساساً بالفقد والفجيعة ففي كل منا تكمن جرثومة الموت تتحيَّن الفرصة؛ وفي (النبوءة) يحكم قدر أغريقي صارم مصائر الشخصيات ويقودها نحو المحتوم.
أما (نداء الترفاس) فهو نشيد شاعري، جميل بقدر ما هو حزين، عن مسيرة الحياة - حياة البشر كما حياة كائنات الطبيعة الأخرى - بين الولادة والموت، الوجود والعدم.
Share message here, إقرأ المزيد
القفص