قصيدة واحدة موزعة على مقاطع، أو يمكن القول إنها موزعة على نصوص، كل نص قصيدة بذاته، يشدها إلى بعض المعنى واللغة وانهماك لاهث ليس بالبحث عن مفردات جديدة فحسب، بل ربما ليس ذلك أبداً، بل بابتكار مفردات، كأنما اللغة هنا، في هذا الديوان، تُخلق من جديد، وكأن المفردة تتشكل الآن/ آن الكتابة وآن القراءة معاً. تبلغ اللغة مداها حيث يمكن للقارئ الحصيف أن يسمع أصواتاً كثيرة تصدر من ثناياها أو من حروفها معلنةً بداية جنون لغوي لا رادّ له. قصيدة صعبة ومتوحّشة فعلاً، لكنها مكتوبة بانتباه بلغ أقصاه، مثل وتر مشدود حتى آخره بيد رامٍ حاذق يعرف أساليب شدّ الوتر وإرخائه في اللحظة المناسبة: "يمشي الهُوينى، ببطء الذاهب إلى مقصلة غير مرئية، تقطع الهواء عنه شفتاه معلَّقتان بلا أسباب على ياسمينة سوداء وورقة على ظهره وصدر عصفور مشدود بخيط مقطوع، ويداه مخضَّبتان بدماء ليست دماءه، مرتفعتان وليستا يدَيْه".
ربما يمكن فهم ذلك الجنون اللغوي والانفجار المدوي للمفردات والجمل من خلال معرفتنا أنه يتوجب على اللغة أن توازي الحدث الأكبر الذي ترويه القصيدة وهو انحلال هذا العالم وتفككه وانهياره وتحولاته...
قصيدة تجريبية من أولها حتى آخرها، وهذا منهج بول شاوول في كتابة الشعر.








