يكاد القارئ لا يميّز بين الكاتب وموضوع الكتاب، إذ تتلاشى المسافات بينهما، كلما أوغلت ايفلين حمدان في سيرة مهدي عامل ومختبره الفكري والثقافي، واكبته خلال عقود في ترحاله من مدينة ليون إلى القسطنطينية فبيروت، وسجّلت بأمانة وصدق مرهقين دقائق مكنونات شخصيته المتنوعة.
القارئ يتهم فكراً وفلسفة وأدباً ومسرحاً وشعراً، والكاتب العضوي المتوتر في سكون الليالي الطويلة، والمبدع في صقل القدرات المنهجية لطلابه ومريديه، والمولع بالشهادة على عالم يتفجر بالأحداث في قارات العالم قاطبة، والمهجوس الأيدي بالربط المحكم بين الفكر والتغيير حتى غدا مفهوم الإلتزام لديه - كما تقول إيفلين - إلتزاماً بالجسد"... وقبل هذا كله العاشق المطلق والمتمرّس بحب الحياة حتى الرمق الأخير.
لا أحد فهم مهدي كما فعلت إيفلين، ولا أحد أحبّ مهدي كما أحبّته، هي الحاضنة والساهرة والعين الرائية والزوجة والحبيبة والرفيقة، ومع كل هذه الصفات، كفاح صلب جعلها لا تتردّد لحظة إثر إغتياله في رفع الصوت مدوّياً: صامدة أنا هنا في بيروت لأكمل طريق مهدي وأحفظ إرثه، ولن تدفعني أيّ بيئة محلية معادية إلى التخلّي أو الهجرة.
Share message here, إقرأ المزيد
رجل في خفين من نار