لا شيءَ مثل الكتاب في الثقافة! لا شيءَ مثل الكتاب، عالمٌ من الكلام السحر، عالمٌ من الفكر، عالمٌ من المخيال! كلما أُذِّنَ بوفاته وانتصبت له المحارق انبعث من رماد ذاته، عاد آخر، يتجذر في العصر، ويَنشد الحداثة. كذلك كانت هذه السلسلة، مسالك في الفكر والحداثة، احتفاءً بالكتاب إذا ما الكتاب كان كذلك، وسَعى إلى كشف معالم الثقافة العربية الإسلامية ساعة كانت لا تخاف الاختلاف، لا تخاف اندثار اللغة، لا تخاف على الإسلام الخطر، تنهل من منابع الثقافة الإنسانية، وتُغني مقالاتها في الدين والآداب والفنون والعلوم بما كان لليونان واليهود والنصارى والفرس والروم من أديان وآداب وفنون وعلوم. فإذا انكشفت ذاتها انفتحت على الحداثة ولم تُغلّق عليها أبواب ماضيها الذي يُكبّل.
وكذلك كان هذا الكتاب، المجوس في الإسلامبين الأخبار والأحكام، فاتحةً لهذه السلسلة، اندرج فيها بالكلية، إذ هو كتاب في المجوس، يُعرّف بهم ويكشف عن ديانتهم الحجاب، وهو، في الآن ذاته، سعيٌ دائمٌ إلى كشف مظاهر الفكر والمخيال في الثقافة العربية الإسلامية في قوم كانوا أقرب الأقوام إليها ولم تعرف أيّ منزل تُنزللهم منها.