شاع في قرية من قرى مومباسا أن وحشاً يخرج في جنح الظلام يقتل ويُنكل بسكان القرية الهادئة، وينقّص عليهم معيشتهم، وكبر جيل جديد على هذه القصة المخيفة ليتبين لاحقاً أن القصة ملفقة من طرف الإحتلال الإنجليزي الذي يريد تهجير السكان وإستغلال خيرات الأرض، والإستيلاء على صيد اللؤلؤ الذي صار تجارة رائجة في العالم كله، هذا ما تُنبئنا به رواية (رَوعان) للكاتبة مريم عبد الرحمن النعيمي متخذة من البيئة البحرية مجالاً لروي حكاية "مرجان" أو "روعان" أو "الزنجي" الذي نشأ في تلك القرية التي لم يكن يوماً يحس بالإنتماء إليها، عمل على قارب صيد، وما كان يجنيه يكاد لا يكفيه قوت يومه وكان متقشفاً في معيشته؛ لأنه تعوّد الفاقة في بلده الأم، كانت إفريقيا لا تمنح مواطنيها ما تنام عليه من خيرات، على الرغم مما تكتنزه شواطئها من كنوز، أما والدته فكانت تنبذه وحاولت في عديد من المرات أن تتخلص منه، وكان البحارة يطلقون النكات المزعجة من حوله؛ بسبب شكله الذي يشبه الوحش وبسبب الصوت الذي يصدر من جوعه، فهو لم يختر أن يكون زنجياً عملاقاً حتى يصبح مضحكة أمام هؤلاء الحمقى، تأثر كثيراً بوضعه حتى انعزل عن الناس، وقرر أن يرحل من ساحل إلى ساحل ويعمل عبداً من سيد إلى سيد حتى تعرف إلى ذلك الشيخ الذي قال له "يا بني عليك أن تتعلم العربية وتتعلم قراءة القرآن"، وبما أنه مسلماً من الأساس رحب بالفكرة، وصار تحت رعاية الشيخ وأبناءه فشاركهم عملهم في صيد الأسماك والمرجان واللؤلؤ وتوزيع العطايا على المحتاجين...
تتوالى الأحداث في الرواية حتى يتعرض واحد من أبناء الشيخ واسمه "غيث" للغرق ويقوم مرجان بإنقاذه، فيقرر الأخير تزويجه من أخته مكافأة له، رفضت في البداية ثم ما لبثت أن أحبته، ولكن الشيء الذي لم تعرفه "مريم" شقيقة "غيث" أن مرجاناً مسكون بجنّي لا يؤمن سوى بالدم، غوايته رؤية الدماء في كل مكان، ولا يهمه أي شيء على الإطلاق، لا رحمة لديه على رجل ولا على امرأة، ما يعني أنه سوف يؤذي مريماً وفي نهاية الرواية يقوم مرجان بتخيير مريم بين البقاء معه أو العودة إلى بيت أهلها... فماذا ستختار؟...