وبعد، فإنني أحبّ أن أقول هنا إنني أبعد ما أكون، في هذا الكتاب، عن محاولة تبرئة نفسي من الأخطاء. وإنني لأعترف بأن كثيراً من الأخطاء التي سيرد بحثها في هذا الكتاب، قد ساهمت فيها. كما إنني حاولت جهدي أن أبتعد عن التعرض للأشخاص ما تمكنت من ذلك. فأنا مؤمن بأنالأحداث، وإن تمثلت دائماً بالأشخاص، تكمن وراءها أسباب وظواهر اجتماعية، أعمق وأهمّ أثراً من الأشخاص أنفسهم. إن القول بأن أمين الحافظ أو صلاح البيطار أو منيف الرزاز هم أسباب الأزمة قول يكتفي بالسطحي العابر من الأمور، فلو لم يكن ثمة صلاح جديد، أو أمين الحافظ، أو منيف الرزاز، لكان هناك شخص آخر باسم آخر يحمل المهمة التاريخيّة نفسها، وإن اختلفت الوسيلة والطريقة وتفاصيل الأحداث. إن التفسيرات الذاتية النابعة من الصراع بينالأشخاص لا يمكن أن تعطي الصورة الحقيقيةللأزمة إلا إذا نظرنا إلى هذا الصراع الشخصي من حيث هو تعبير عن تناقضات اجتماعية تكمن وراءه. ولابد لي من أقدم إلى القارئ اعتذاري، فقد كُتب هذا الكتاب في شيء من السرعة تحت ضغطالأحداث. ولعلي لو أتيح لي أن أراجعه في بحبوحة من الوقت لعدلتُ فيه بعض الأشياء،ولكنني أعتقد أن الأساس سيبقى قائماً دون تعديل. فلعلي أطلت في جوانب كان يجب أن أختصر فيها،أو لعلي اختصرت في جوانب كان يجب أن أطيل فيها، أو لعلي أهملت بعض القضايا التي قد يعتقد بعض قرائي بأهميتها وبوجوب ذكرها. ففترة الصراع، مثلاً، بين القيادة القوميّة واللجنة العسكرية، والأحداث التي جرت بين 8 آذار 1963 والمؤتمر القومي الثامن في نيسان 1965، فترة ينقصها الكثير من التوضيح.
Share message here, إقرأ المزيد
التجربه المرة