إن ما تريد أن تضيفه هذه الدراسة يتلخص في قلب المفهوم السائد الذي يفسر ضعف التكوين القومي بوجود التمايزات الثقافية أو الأجناسية السابقة أو الموروثة، والذي لا يعمل بذلك إلا على تخليد الوضع القائم ببثه لملامح نظرية تربط تكوّن الأمة بنوع من السديمية الثقافية أو الاندماج الديني أو الثقافي الحديث والتجانس الكامل، وهو بذلك يبشر بتصفية التمايزات عملياً أو يتجاوزها إلى وحدة ثقافية جديدة تلغي الأقليات كفكرة بإلغائها للهوية كواقع.
وفي الحالتين تظل مسالة الأمة وتكوينها مسألة ثقافية. ليس التمايز الديني أو الاجناسي هو بسبب القطيعة الاجتماعية وفقدان الإجماع السياسي إذن، ولكن فقدان الإجماع السياسي الذي لا يمكن فهمه خارج نطاق تحليل السلطة والدولة الحديثتين هو الذي يفسر إعطاء التمايز التقليدي الموروث قيمته السياسية الجديدة وتوظيفه في الصراع الاجتماعي، أي الطائفية. وللسلطة مصادرها الخاصة في الانقسام الاجتماعي وتركيب المجتمع المدني، وفي البيئة الذهنية العامة التي تشترك فيها الأقليات والأغلبية معاً، أي في أيديولوجية الطبقة القائدة السياسية بقسمها المعارض وقسمها الحاكم، أيديولوجية التسلط.
Share message here, إقرأ المزيد
المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات