احتلت الحضارة العربية الإسلامية مكانة متميزة في بنية الحضارة الإنسانية، بما ابتكرته من جديد أو بما أضافت من إبداعات أو حققته من تصحيحات في شتى أنواع علوم ومعارف الأقدمين فهذه الحضارة التي سقتها أخلاقيات العروبة الراقية لآلاف السنين ورفدها الإسلام بالروح الدافعة التي نقلتها نقلة هائلة نحو الأمام، مع قدرة غير محدودة على التجديد والإبتكار، يعود لها الفضل في أنها حفظت للعديد من الأمم والشعوب مواريثها الحضارية. وبما أن كل أنواع العلوم والمعارف درست في مجالس علمية عديدة ومتنوعة، لذا حظيت هذه المجالس برعاية واهتمام الجميع، حيث تميز موضوع المجالس العلمية بحيويته ومرونته الكبيرتين وبكم ثرّ من نتف المعلومات التي تناثرت ثي ثنايا صفحات عدد كبير جدا من مصادرنا القديمة، مما شكل صعوبة حقيقة واجهتها الباحثة، حيث وجبت متابعة مختلف أنواع الكتب للحصول على إشارات بسيطة تضاف إلى هيكل البحث تدريجيا حتى تكاملت الصورة بعد جهد جهيد. واقتضت المنهجية البحثية تقسيم الكتاب إلى ثلاثة فصول مع مقدمة وخاتمة وفهرس للمصادر والمراجع. جاء الفصل الأول بمثابة تمهيد تاريخي للمجالس العلمية حتى العصر العباسي. ناقشت فيه المؤلف أولا معنى كلمة المجالس لغة واصطلاحا ثم طبيعة المجالس عند العرب في عصر ما قبل الإسلام، بعدها وضحت دور الإسلام الفاعل في الحث على العلم والتعلم وتقدير العلماء ومنزلتهم التي أشار إليها الحق تعالى في كتابه العزيز ليتبعه توضيح التطور الذي حظيت به المجالس زمن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم) وعصري الخلافة الراشدة والأموية. بحثت في الفصل الثاني المجالس العلمية منذ القرن الثاني وحتى الرابع الهجري متبعتا منهجية بحثية محددة ومزدوجة وهي أصحاب هذه المجالس ثم العلوم التي كانت تعقد لها، وأفردت فقرة لموضوع المجالس النسوية للتنويه بدور المرأة في رفد الحركة العلمية العربية الإسلامية.
Share message here, إقرأ المزيد
المجالس العلمية في عصري ما قبل الإسلام والرسالة والعصور الراشدية والأموية والعباسية