في روايتها "حياة حور" تمارس الكاتبة وفاء بنت إبراهيم باعشن نوعاً من التجريب الروائي المرتكز على قواعد البحث العلمي الحديث أو ما يعرف بعلم الجينات وإمكانية تعديلها وراثياً؛ وذلك للتأكيد على تداخل الكائنات ووحدتها، براً وبحراً، وتفعل الكاتبة ذلك من خلال شخصية "حور" وهي عالمة بحار ومحيطات وبروفيسورة في علم الجينات الوراثية من الأسماك. تسعى من خلال دراساتها إلى إمكانية تحوّل الإنسان لكائن برمائي بالمستقبل، فبدأت بالبحث عن الطرق التي تساعد على التحوّل السليم لكائن نصف بحري ونصف بشري شبه حور البحر، والغاية هي إنقاذ البشرية من الزوال المحتوم. بعد إجراء عدد من الأبحاث السريرية، التي يبدو أنها تهدد جهة ما، تغادر "حور" الأرض بعد أن ترمي نفسها داخل كبسولة هلامية تخفي كل الأدلة على وجود عقار المستقبل؛ فتقفز في البحر، وبحوزتها أبحاثها، وشيئاً فشيئاً تتحول إلى كائن برمائي شبه حورية البحر، تعيش حلمها وحريتها كمواطنة بحرية مستقلة ولها هويتها الخاصة، وكلها أمل أن تصل أبحاثها بعد العثور عليها إلى الجهة العلمية الصحيحة، التي سوف تكمل الطريق الذي يستطيع معه الجنس البشري اكتشاف عالم البحار واستيطان المحيطات في المستقبل. فهل ستستطيع حور إنجاز مهمتها بسلام؟ أم أنها ستكون ضحية إخلاصها لمبادئها وحلمها؟
من أجواء الرواية نقرأ: "أنا حورية بحر، ولا أجيد الغرق في أعماق البحر مثلكم يا معشر البشر! لقد غصت في أعماق المحيطات ولفظتني البحار إلى القاع، لقد اختفيت عن الوجود على سطح الأرض. سافرت عبر المحيطات والبحار كلها من غير أن أرسو على ظهر سفينة! يقولون إنّ البحر لا يبوح بسرّ أحد لأحد، وما أجمل أن تكون مثل البحر لا أحد يعرف أسرارك. ومجالسة البحر وأمواجه أصدق من بعض أحاديث البشر. ووجود البحر بجانب المرأة لا يخلو من المخاطر، منها أن يغرق البحر! وثلاثة ليس لهم أمان، البحر والسلطان والزمان".
Share message here, إقرأ المزيد
حياة حور