يتطلّع هذا الكتاب إلى الوقوف على الأعراف السرديّة، ولست أنا من يضع تلك الأعراف كلَّها، إنّما حاولت إشتقاق معظمها من تجارب كبار الروائيّين، ومن آرائهم في ما يكتبون، ومّما استخلصته من تجربتي النقديّة في مواكبة صنعة السرد مدّة طويلة.
وقد حرص الكتاب على تشييد سياقٍ حاضنٍ للأفكار، وترتيبها، لدعم الهدف الّذي أرمي إليه، وهو وضع لائحة بأعراف الكتابة السرديّة جرى صوغها من مدونةٍ كبيرة تراوحت بين الأقوال الدالة على أهمَيتها، والنصوص الداعمة لها، فانتهى الكتاب إلى تركيب مزج آراء الآخرين بآرائي؛ وظنّي أنّ تأليف هذا النوع من الكتب لا يقوم على إجتهاد فردي حسب، بل على إختبار تجارب الكتّاب في ضوء غاية مقصودة تستبطن عمل الناقد، وتتناثر في صفحات كتابه، وحرصت على دمج الوصف بالتحليل، وعلى خلط الإستنطاق بالتأويل، بما يستجيب لتوقّعات القارئء في الدخول بيسر إلى عالم الكتابة الروائيّة، ذلك أن الناقد، في أوّل أمره، يحاول أن يفسّر كلّ أمر يعرض له، غير أنّه ما يلبث، بدوام الممارسة، أن يترك الآراء يفسّر بعضها بعضاً بتأثير من السياق الذي ترد فيه، فيتحوّل من شخص يسعى إلى إشتقاق تفسيره الخاصّ إلى آخر يتولّى توفير الظروف المنهجيّة التي تجعل الأعمال الأدبيّة تكشف عن مقاصدها المحتملة.
Share message here, إقرأ المزيد
أعراف الكتابة السردية