يجمع هذا الكتاب بين دفتيه، مجموعة نصوص متنوعة للدكتور خير الدين حسيب، تشمل دراسات ومقالات وافتتاحيات كتبها ونشرها، أو حوارات تلفزيونية وإذاعية أجريت معه، في السنوات الأخيرة، وهي تتناول مختلف قضايا الأمة العربية وهمومها ومشكلاتها، والتحديات والمخاطر التي تواجهها في حاضرها ومستقبلها، والسبل إلى نهوض هذه الأمة ووحدتها. لا يكتفي خير الدين حسيب في هذه النصوص بعرض الأوضاع والتطورات والمشكلات الراهنة وتحليلها، بل يعمل على استخراج الرؤى المستقبلية منها. كما لا تمتاز مساهماته هذه بالمعلومة الجديدة الموثّقة فحسب، أو بالنظرة الاستشرافية فقط، بل تتحلّى أيضاً بالموقف الشجاع والواضح حيث لا يجرؤ الآخرون... وهو أمر يعود إلى أن خير الدين حسيب دخل عالم الأبحاث والدراسات من موقع الالتزام بنهضة أمّته ووحدتها واستقلالها وعدالة العلاقات بين أبنائها وديمقراطيتها... فبوصلته دائماً هي المشروع النهضوي العربي بعناصره الستة المعروفة، الوحدة العربية، الديمقراطية، التنمية المستقلّة، العدالة الاجتماعية، الاستقلال الوطني والقومي، والتجدّد الحضاري.

لذلك لم يكن خير الدين حسيب في كتاباته ومقابلاته ومواقفه هذه، واحداً من المثقفين الغارقين في البحث الأكاديمي من دون أفق، أو في الكتابة الانطباعية ـــــ الإنشائية التي تقرر أحكاماً وتطلق تحليلات رغبوية في بعض الأحيان، من دون ما يؤكّدها من معلومات موثّقة، بل كان، وهو على رأس مركز دراسات الوحدة العربية، من الذين يحرصون على أن يجمعوا بين الحلم والعلم، وبين «تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة»، على حد تعبير غرامشي.