تنطلق إشكالية هذا البحث من السؤال المطروح حول دية المرأة في الشريعة الإسلامية، والسؤال: هل تنصيف ديتها بالنسبة إلى دية الرجل أمر لا يقبل الإجتهاد، أو هو أمر يمكن أن يُجّدد فيه إجتهاداً في هذا العصر، إقتضاه تغير الزمان والمكان والإنسان، هذا شكل محور البحث في القضية من خلال رجوع المؤلف د.الشيخ ترضاوي إلى أحصاد الإسلامية الأصلية المعصومة: القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة وما يخدمهما من مصادر التفسير وشروح الحديث، ومن خلال المراجع الفقهية على إختلاف المذاهب والمشارب: فقه الصحابة والتابعين والأتباع، ومن بعدهم من الأئمة المتبرعين وغير المتبرعين، مشيراً أنه من أجل ذلك غاص في كتب التفسير والحديث، وفي كتب السنن والآثار، وفي كتب الفقه والأصول، مناقشاً الموضوع من جذوره، وراجعاً إلى الأدلة التي تُستنبط منها الأحكام، والتي يعتمد عليها أهل الفقه والإجتهاد والفتوى: القرآن والسنة والإجماع والقياس والمصلحة وأقوال الصحابة.
ولا بد من الإشارة إلى مسألة مهمة أوردها الشيخ القرضاوي بقوله: "إني بهذا البحث، والوصول فيه إلى رأي يخالف رأي جمهور علمائنا وأئمتنا، لا يعني هذا بحال: الطعن في فقه السلف أو الخلف من علماء الأمة، الذين إستفرغوا وسعهم في طلب الحق، ولم يألوا جهداً في إستنباط الأحكام في أدلتها التفصيلية، بحسب زمانهم ومكانهم وأحوالهم الفكرية والإجتماعية والسياسية وغيرها، وقد تركوا لنا ثروة فقهية رائعة لا يوجد لها نظير ولا قريب منها عند أحد من الأمم، وهم فاجورون على أحبتها وأنهم أصابوا فيها أو أخطأوا.. وإنما لكل إمرىء ما نوى..