شيّقة هذه الرواية بحبكتها الواقعية، وصادمة، جريئة في تصويرها للمصاعب والأخطاء التي وقعت فيها امرأة لم تكن تحلم بأكثر من منزل وزوج وحياة مستقرة؛ ولكن شاء القدر أن يكتب لها أكثر من منزل، وأكثر من حبيب، وأكثر من زوج، وحياة صاخبة لا تشبهها دخلتها من أوسع أبوابها وخرجت من أضيقها.
هي مريم أسيرة الخيبات المتتالية، المرأة التي سعت بعد وفاة والديها وتعنيف أخيها لها إلى بناء حياتها بناءً مختلفاً عن الحياة المألوفة، ولأنها امرأة لم تفهم شروط اللعبة التي ستفرضها عليها الحياة إذا ما قررت العيش بمفردها، أحبت وتزوجت وفشلت أكثر من مرة. من أزواجها من منحها الحبّ، ومنهم من منحها المال، ومنهم من حرّرها من القيود، ومنهم من دفعها إلى الهاوية، وبين هذا الرجل وذاك فقدت مريم أمانها؛ لتحمل في أعماقها بقايا حياة وثقب أعوج لن يُغلق تُنذر بفتحه أي عاصفة. وعلى الرغم من محاولة بطلة الرواية القيام مرة أخرى لإثبات ذاتها وذلك عن طريق العودة إلى الدراسة والعمل الخيري والعلاج النفسي؛ إلا أنها لم تجد ذلك الأمان الذي منحها إياه والديها. رحل الجميع عنها، وأصبحت الوحدة والفراغ رفيقي حياتها.
في "الثقب الأعوج" يكتب جابر عتيق رواية غير تقليدية، رواية تستفزُّ القارئ، وتُدهش الناقد، وتحقق للمرأة حريتها كأنثى، وتحقق للرجل تفوقه كذكر، فالأنوثة والجمال في هذه الرواية ليسا عاراً سيئاً على المرأة أن تتحمله، والذكورة ليست استقواء على الرجل أن يفرضه، وإنما تأتي الرواية بمثابة اسكتناه لتجارب حياتية واقعية يتحرك أفرادها عبر شبكة من العلاقات المصلحية العابرة التي تفرضها طبيعة الحياة في المدن العصرية. فأبطال الرواية يعيشون في بيئة برجوازية نخبوية جاذبة لكل مسرّات الحياة، ويمارسون حياتهم بترف وبما ينسجم مع الطبيعة الحرة، فيسعون إلى المتعة والمال والجاه والسلطة، ولا يتورعون عن أية وسيلة تقودهم إلى أهدافهم.
يقول الروائي جابر عتيق عن روايته "الثقب الأعوج": "لم تكن هذه الرواية رواية عادية بل كانت مسألة تحدي مع الذات، وأنا أعرف جيد أن ما طرحته في الرواية يعتبر كسر لكثير من الأمور المحرمة في المجتمع، لكن لا بد أن يواجه المجتمع مشاكله وينظر إليها بشكل جاد دون تأجيل.
الكثير من المواقف التي كتبتها في الرواية كان لها مصدر في الواقع، والأمر المتعب كان ربط كل الأحداث بشخصية نسائية وتعمدت أن يكون التردد واضح في السرد وتكرار الكلمات بشكل غير منتظم لكي أعكس الحالة النفسية وحالة الاضطراب في الشخصية الرئيسية. في نظر البعض ربما تجاوزت الحدود في بعض المواقف لكن الحقيقة أن ما كتبته موجود بالفعل في مجتمعاتنا. المرأة التي تمثل نصف المجتمع تعتبر مخلوق غامض لا نريد أن ننظر إليه بشكل صحيح، ولا نريد أن نعترف أننا ندفن مشاكلنا لكي لا نواجهها.
Share message here, إقرأ المزيد
الثقب الأعوج