ما يجعل هذا الكتاب جادّاً في بحثه في مجال الدراسات الفلسفية والنقدية والأدبية؛ كونه الأول الذي يسعى إلى بلورة مفهوم إعادة الكتابة انطلاقا من فلسفة جيل دولوز وجاك دريدا، وهذا الأمر ينسحب أيضاً على مستوى المنهج، أما على مستوى مساحة الاشتغال فيتقدم هذا الكتاب متفردّاً في تناوله الكتب الشعرية في كفٍّ واحدة، وذلك من طريق تفكيكه لأواصر الفكر الوثوقي، فضلا عن اصطلاحه لمفهوم الكتاب.
إذ يتوجَّه هذا الكتاب نحو قارئه على مستوى التأسيس والرؤية بوصفه أطروحةً، فعلى مستوى التأسيس يسعى إلى اجتراح مفهوم إعادة الكتابة انطلاقاً من استراتيجية التفكيك أو التجريبية الجذرية، وعلى مستوى الرؤية يسعى إلى بناء تصوّر للموروث غير قائم على اجترار الفكر واستنساخه في كل مرة لنكون أمام المستقبل، وإنما النظر إليه من باب المعاودة والاختلاف، وهذا السعي ليس تصوراً قائماً على الترف، وإنّما صورة العالم الجديدة، ففي الوقت الذي كان فيه الفكر يشدُّ كلَّ أواصره نحو الأحادية والشمولية والتماهي مع الحقيقة كما هو الحال مع صورة الفكر الوثوقي، أصبح على وفق إعادة الكتابة يسعى إلى التعددية والاختلاف والإنتاج.