إن استكشاف التصور الإسلامي لفقه المحاسبة وتتبعه عبر متابعة الأداء والحكام الفقهية المتعلقة بالمعاملات المالية قد يستهلك الكثير من الوقت، ولما كانت... هذه الأحكام قد وزعت في كثير من كتب الفقه وعلى عدة أبواب جاء هذا البحث ليكشف درر الفقهاء والعلماء الإجلاء التي تناثرت هنا وهناك بسجع أدبي رائع الجمال.

وتكمن أهمية البحث في إلقائه الضوء على المساهمة الفكرية للحضارة الإسلامية في مجال الاقتصاد والمال والمحاسبة وذلك للأسباب التالية

1-تمتد جذور الاقتصاد الإسلامى إلى أربعة عشر قرناً خلت، لكنه حديث العهد كعلم بالمفاهيم الحالية. لذلك يأتي هذا البحث ليشكل لبنة في هذا التطور من خلال تحقيق الأصول العلمية للمبادئ والأعراف المحاسبية التي عمل بها علماؤنا على مر الزمن.

2-إعادة تصحيح التاريخ المحاسبي وإنصاف المسلمين بإبراز إسهاماتهم ودورهم الفعال في هذا العلم، فبدلاً من ذكر بداية التأريخ المحاسبي من الإيطالي لوقا باشيليو علينا أن نذكر القلقشندي والنويري والغزالي وغيرهم من أعلام المسلمين.

3-عدم تطابق المصطلحات المعاصرة مع المصطلحات التي استخدمت في الاقتصاد الإسلامي.

ومن أجل ذلك كله سعى البحث إلى استخلاص المعايير المحاسبية الإسلامية التي تنير الطريق أمام المحاسبين ورجال الأعمال وسائر المكتسبين، على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم بعيداً عن المعايير التي تخضع للروابط الربوية التي وضعها أصحابها لخدمة مصالحهم فقط، مما يساعد في نشر وتطوير الفكر المحاسبي بما يتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية وبما يتلاءم مع البيئة التي تماري فيها الأعمال التي تحتاج إلى المحاسبة، الأمر الذي يؤدي إلى تنمية ثقة مستخدمي البيانات والقوائم المالية بالمعلومات المحاسبية الصادرة عن المؤسسات التي تنتهج الفكر المحاسبي الإسلامي.