تعدد الفضاءات الشعرية هي السمة الغالبة على ديوان "استثناءات" للشاعرة أميرة بنت محمد بن سعيدُ صبياني؛ فمن فضاء الغياب إلى فضاء الوجود إلى فضاء الروح إلى فضاء الحبّ تهيم الشاعرة في دروب الشعر كمريدٍ أو ناسكٍ اتخذ من الشعر إلهاً عرف به ومعه معنى الحُبّ المُقدّس. وهو مما يجعل من الشعر (قصائد الديوان) وجهاً من أوجه انتزاع المعنى الذي لا يتحقق إلا بوعي قيمة الحياة نفسها، والتي تحضر بثيماتها المتنوعة في هذا الديوان كلحظات خارقة ومبهرة واستثنائية. ومَنْ غير الشاعرة صبياني تجيد التعبير عنها بلغة الشعر.
نقرأ للشاعرة قصيدة بعنوان "هو شعري..." تقول فيها: "وفيكَ وعنكَ أحْتَرِفُ المَرَايا وأُتقِنُ نفثَ إحساسِ الزَّوايا أتِيهُ إذا انْتَشَى قلمي وأُهدى إلى الآفاق صُبحاً من صِبَايا بإلهاماتِ أَخْيِلَتي وبحري أُقاسِمُهُ السَّرائرَ والنَّوايا (...)".
في الخطاب الشعري تستخدم الشاعرة صبياني أسلوب التورية الممتلئ بالاستعارات والمجازات والتشبيهات، وتستعين أيضاً بسِمةِ التجريد، ونجد ذلك من خلال استعمالها العبارات العرفانية الموحية والدالة. وقد زادت عليها الحمولة الفكرية والذهنية والروحية والفلسفية الحاملة لنفس جينات النص الصوفي الذي يعتم المعنى فنراها تخفي قولاً وتوري آخر، والشاعرة في النهاية تبحث عن الإنسان المتسامي الذي تفتقده وتشتاق إليه.