علي الديري باحث صبور، تكوّن أكاديميًا تكوينًا رصينًا، وتشبّع بمناخات التراث في مرحلة مبكرة من حياته، لكنه تحرّر من قراءة التراث بالتراث، لذلك جاءت محاولتُه في هذا الكتاب تجديديةً لا إحيائية أو إصلاحية. لم ينشغل في قراءته لحديث «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» بتفحّصِ طرقِ نقل الحديث والتوقف عند توثيق مَنْ يرويه، بل تجاوز ذلك، بحسّه التاريخي الذي فرض حضورَه في هذا الكتاب. ينطلق من سؤالٍ يسبقُ كلَّ الأسئلة: كيفَ نفهمُ الخيرَ في التاريخ؟ ويعيدُ النظرَ بهذا السؤالُ في (الإسناد) بما هو مؤسّسة، وخطاب، ودولة، وخلافة، وجماعة كبرى تُهيمن، ورؤية في التاريخ، وصراع بين الجماعات المتحاربة، أي بما هو إرادة قوة، وإرادة حقيقة، وإرادة هيمنة.