في شعرية الفضاء، يقترح باشلار منهجاً آخر، حيث تَحل فينومنولوجيا الصور محل التحليل النفسي للعناصر. و باشلار هنا يعني من خلال ذلك فينومنولوجيا الخيال، أي "دراسة ظاهرة الصورة الشعرية عندما تنبثق الصورة في الوعي كنتاج مباشر للقلب، والروح، والكينونة، والإنسان المدرَك في راهنيته. هكذا، ليس للصورة من ماض، وإنما لها مستقبل. من ثم لا وجود لعلاقة سببية مع نموذج أصلي راقد في الأعماق" ... و"لا وجود لتفسير الزهرة من خلال السماد." لا تصف الفينومنولوجيا بطريقة تجريبية الظواهر الشعرية، و هو ما قد يفترضه قارئ منفعل، بل إنها تختبر "القصدية الشعرية"، من حيث أن مستقبَل القصد يُقرأ ضمن "ترديد الصدى". ففي تصور باشلار، تذهب القصيدة أبعد من الحياة، وبوسعها أن تعبر عتبة الموت، والمعلوم، والمجهول كي تبلغنا رسالتها التي يمكن أن تكون مختلفة وخاصة بتجربتنا الشخصية. هكذا، تبدو القصيدة ناسجة الواقع واللا واقع. وإذا كان الخيال جزءا لا يتجزأ من البوح الشعري، فيجب المرور من ميتافيزيقا الخيال. إذ أن الصورة توجد قبل الفكر – "فينومنولوجيا العقل هي فينومنولوجيا الروح". هكذا، فالشعر يعيش في عمق أعماق دواخلنا، تنشطه القوة الحادة للحياة. وفي ذلك يقول بيير-جان جوف "إن الشعر روح تفتتح شكلا ما". من خلال الكلام يتجسد الفعل، و من خلال الكلام يتمكن الشعر من التحرر لأن الوعي الشعري ينقل لنا لغة جديدة.
Share message here, إقرأ المزيد
شعرية الفضاء