من المعروف أن مجالات الفلسفة الإسلامية ثلاث هي: علم الكلام والفلسفة والتصوف وأحياناً ما يضاف إليهم علم أصول الفقه. وقد شغل بالتأريخ لها والتعريف بها ابن خلدون في «المقدمة» فعرَّف علم الكلام بأنه «علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد علي المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السُّنَّة. وسر هذه العقائد الإيمانية هو التوحيد»، بينما اعتبر أن التصوف «من العلوم الشرعية الحادثة في الملة... طريقه الحق والهداية، وأصله العكوف علي العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها والزُّهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة». أما علم أصول الفقه فهو في رأيه «أعظم العلوم الشرعية وأَجَلُّها قدراً وأكثرها فائدة وهو النظر في الأدلة الشرعية من حيث تؤخذ منها الأحكام والتكاليف وأصول الأدلة الشرعية هي الكتاب الذي هو القرآن ثم السُّنَّة المبينة له».
أما الفلسفة فهي ذلك العلم العقلي الذي اعتبره ابن خلدون ضرراً على الدين وذلك «إن قوماً من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي تدرك ذواته وأحواله، بأسبابها وعللها بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية، وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع، فإنها بعض مدارك العقل».
ورغم تنوع الدراسات الفلسفية والدينية في مختلف مجالات فلسفة الدين، إلا أن موضوع اللاهوت اليهودي والمسيحي، يبقى في حاجة ماسة إلى مزيد من التمحيص والتحليل، خاصة في لغتنا العربية في عصرنا الحالي.
غير أن هذه الدراسة تمتاز عن سابقتها بأنها تسعى إلى طرق موضوع ظل الكثير من الباحثين يتجاهلونه، بسبب طبيعة الموضوع وخصوصيته، ذلك أن دراسة اللاهوت اليهودي والمسيحي، يعتبر في كثير من الأحيان من الموضوعات ذات الحساسية المفرطة. وقد نشرنا هذه الموسوعة في ثلاثة أجزاء: الجزء الأول "علم الكلام بين المنهج والتجديد"؛ والجزء الثاني " علم الكلام في الفكر العربي المعاصر"؛ والجزء الثالث: "سؤال الدين في اللاهوت اليهودي والمسيحي".