إن مسألة الموت تعتبر من المسائل العويصة التي اصطدم بها الوعي الإنساني فرجّته، وفي أحيان كثيرة أذهلته، فتسابق أهل النظر لفهم الظاهرة وتفسيرها، حتى اعتبر شوبنهاور فكرة الموت بأنها عروس الفلاسفة.
يتناول هذا الكتاب مسألة الموت على منحيين: المنحى الأول: ظهور الروح، وإكتشاف المجالات التي يفتحها الإيمان أمام الذات، لفتح العيون على إمكانية ملامسة الروح والعيش في ظلها، عبر نافذة صغيرة تفتح المجال أمام نظرة جديدة للإنسان والعالم.
والمنحى الثاني: حقيقة الموت عند الصوفية، وتوضيح التصور الإسلامي لمسألة الموت، أولاً عبر النصوص التأسيسية للإسلام، وثانياً عبر أحد أهم التيارات الفكرية والدينية التي سادت لفترات تاريخية طويلة، وساهمت في تشكيل دعائم البنية الثقافية والوجدانية للحضارة العربية الإسلامية، ألا وهم الصوفية، ذلك أنهم التيار الوحيد في الإسلام الذي يرى أن حياة الإنسان تكمن في موته.