هذا الكتاب مرافعة ساخنة للبرهنة على أن العملية التعليمية في كل العالم تعاني من خللٍ جذريّ أدى إلى الإخفاق الذريع على المستويات المحلية والعالمية ويعود هذا الاخفاق إلى أن أكثر المنتظمين في التعليم لم ينتظموا رغبةً في المعرفة، ولا شغفًا بالعلم وإنما هم ينتظمون مضطرين لأن المجتمع قد جعل الشهادات التعليمية شرطًا لدخول مجالات العمل مع أن الخريجين يأتون لمواقع العمل من غير أي مهارات مهنية إن التعلّم اضطرارًا مضادً لطبيعة الإنسان. إن الإنسان كائنٌ تلقائيّ فإذا كان نافرًا من شيء فإنه لا يستطيع أن يجبر نفسه بأن تنجذب إليه وإذا كان يكره شيئًا فإنه لا يستطيع أن يجبر ذاته على أن تحبه إن قابليات الإنسان لا تستجيب إلا لما يتفق مع ما تهواه وترغب فيه وتميل إليه بينما أن التعليم يفتقر افتقارًا كليا إلى هذا الشرط الأساسي. إن تعميم التعليم هو أعظم مشروع اتفقت عليه كل الأمم في كل العالم؛ لكن النتائج بائسة؛ فالأعمار تضيع والطاقات تُهدَر والأموال تُنْفَق والأجيال تمضي وينكشف الخلل لكن الضياع يستمر والهدر يتواصل والإنفاق يدوم فرغم وفرة الأفكار المضيئة ورغم التقدم الهائل للعلوم فإن العقل البشري ما تزال تتحكم به الأنساق الثقافية المتوارثة، والخريجون يأتون إلى مواقع العمل من دون أي مهارات عملية ولا أية رؤية مهنية وبالمقابل نجد أن العلوم قد تقدمت بفاعلية الاهتمام التلقائي بإبداعات جاءت من خارج مؤسسات التعليم؛ فمخترع المطبعة جوهان جوتنبرج حداد ومؤسس علم الوراثة لم يتلق تعليمًا جامعيًّا ومؤسس الإدارة العلمية كان عاملا في ورشة ومؤسس علم الاجتماع لم يتجاوز في التعليم النظامي المرحلة الثانوية إن الكتاب مشحون بنماذج وأمثلة وشواهد على أن الإبداعات التي تطورت بها الحضارة قد جاءت من خارج مؤسسات التعليم. إن الكتاب قد ضم أكثر من مائتي مبدع في مختلف المجالات إلا أن الهدف من الكتاب ليس التعريف بالرواد والقادة والمخترعين والمبتكرين وإنما كل هؤلاء المتفردون قد جاؤوا شهودًا لتأكيد إخفاق التعليم وأن الحاجة القصوى تستوجب إحداث تغييرات جذرية على العملية التعليمية في كل العالم.
Share message here, إقرأ المزيد
إخفاق التعليم : المتفردون بالريادة والقيادة والإبداع