"فيدر" هي دون جدل رائعة راسين، وهي مأساة مروعة حقا، تمتاز بحوادثها القليلة، وأشخاصها القليلين، ورغم أنها تعالج موضوعا سبق أن عالجه أوروبيد، إلا أن... النقاد يرون أن راسين بلغ فيها القسة من حيث الغوص على أغوار النفس الإنسانية، وتصوير الشخصيات، وهي أعمق وأجمل مأساة عرفها تاريخ الأدب الفرنسي على الاطلاق. ولقد عرف راسين كيف يبروز في مسرحه الخوف والقلق والغيرة، ويقيم أركان فنه على فهم أكبر لأهواء القلوب وطبائع البشر، كما عرف كيف يستغني بتفاعل العواطف عن تراكم الحوادث ويستخرج الأعسال العنيفة من النفوس الضعيفة، ثم إن مظهر الغيرة التي عصفت بقلب فيدر، حينما بلغها الخبر أن هيبوليت يجب سواها هو من أروع ما وصفته قرائح الكتاب والشعراء.