الطبيعة الإنسانية واحدةٌ، ثابتة عبر الحقب والأماكن، هذا ما يثبتُهُ هذان النصان لبلوتارخ، ذاك المفكِّرُ الإغريقيُّ الذي استشعر الحاجةَ، منذ زمانه، إلى مساعدة معاصريه على أن "يستفيدوا من أعدائهم" وأن "يميِّزوا بين المتملِّق والصديق".
يكشف لنا بلوتارخ، في هذا الكتاب المشوِّق، حيث تمتزج الدعابةُ، والطوائفُ، والأسطورةُ، والتاريخُ، جميعَ حيل التملُّق، ويعلِّمُ الحذَرَ من المديح المعسول، والصراحة المغشوشة، والأصدقاء المنافقين، بل إنه يذهب إلى حدِّ إثبات منفعة الأعداء، الذين يدفعوننا إلى الإحتراس، فيكون ذلك حافزاً لنا على تطوير أنفسنا وتحقيق أفضل نسخة من ذواتنا، وهو ما يشكِّلُ، في الأخير، أفضلَ رَدٍّ وأنبلَ إنتقامٍ يمكن أن نواجه به الخصوم.
لا تزال هذه الصفحاتُ المنيرةُ، المكتوبة منذ قرون طويلة، تحتفظُ براهنيتها الكاملة، وهذا خير دليل على وجاهتها، ودقَّتها، وحكمتها.
