النص الإبداعي الشعري مكوَّن فني, تمثل فيه اللغة مادته الأساسية في التكوين والبناء فبواسطتها يخرج النص الشعري في اكتماله البنائي وفي أبعاده الجمالية والفنية, وهذا ما يوجب الوعي به في التناول النقدي, أي من حيث كونه نصاً لغوياً يحمل خصائص فنية خاصة. وهذا يعني أنَّ اللغة الشعرية لغة خاصة تتميز بفرادتها عن اللغة المألوفة, مما يجعل الإيجاب لها ـــ أيضاً ـــ بالخصوصية في التحليل النقدي والقراءة الناقدة؛ لأنها ترتقي بالمنجز الكلامي إلى أفق مختلف ومغاير, فتخلق في هذا المنتج تلويناً فنياً تجعله يبعد عن القول التقريري وعن لغة العلم والفلسفة, وتمكّن له الحق في استخدام الأدوات النقدية الخاصة في القراءة والتحليل, فالشاعر ليس مؤرخاً ينقل الحقائق والوقائع كما يراها, وليس عاماً يبحث عن المعرفة في موضوعية وتجرد, وليس بالفيلسوف يجد في البحث عن حقائق الأشياء بلغة عقلية مشبعة بالإقناع وخالية من الإمتاع, إنما الشاعر فنان معبّر, ولغته لغة فن, لا تستسلم للقيود التي تخضع المفردة لتأطير المعجم, ولا تتغيا حدود المطابقة والنقل للواقع, لتمتد في مسار يمنحها حق الاختلاف في التعبير, فتمتزج فيها الخيالات, والوجدانيات, ومثارات العواطف, وغرابة الأسلوب, وكل ذلك حق نوعي خاص للشاعر ولغته. وهذا الكتاب يتناول أهمية البحث عن ترابط النص الشعري؛ لأنه يكشف عن إمكانات جديدة في النص, تنظر في كيانه الكلي, وتتجاوز السائد في المعالجات الجزئية, لما يكتنزه البناء الكلي من أبعاد جمالية وفنية تستحق البحث والكشف, فتفتح بذلك طريقاً في تجديد الدرس البلاغي والنقدي.
Share message here, إقرأ المزيد
الثابت والمتغير في الاحكام الشرعية