قراءة واسعة تؤكد أن الإسلام، في جوهره، لا يفتقر إلى أدوات النقد، بل ينهض عليها ويجعلها جزءًا أصيلًا من بنيته الفكرية والعملية. فهو يرى أن نقد الذات والآخر متجذر في المبادئ الإسلامية وممارساتها، رافضًا تصوير الإسلام دينًا معاديًا للعقلانية النقدية. ومن هذا المنطلق، يعرض عرفان أحمد تقاليد غنية ومزدهرة للنقد في الثقافة الإسلامية، مع إيلاء اهتمام خاص بالتراث الفكري في جنوب آسيا.
ويفكك أحمد التصوّرات الموروثة عن العقل والنقد في الفلسفات اليونانية والتنويرية، موضحًا كيف استُخدمت في بناء خطاب عن "الآخر"، بمن في ذلك المسلمون أنفسهم. وفي المقابل، يقدّم تاريخًا بديلًا للنقد داخل الإسلام، مستندًا إلى قراءة دقيقة للنصوص والتعاليم الدينية، ومستخدمًا مصادر متعددة اللغات: الهندية، الأوردية، الفارسية، والإنكليزية. ومن خلال هذه القراءة، يُظهر كيف تحولت النصوص الإسلامية أدوات فاعلة للتفكير النقدي والتعبير الحر.
ولا تتوقف مساهمة أحمد عند إعادة قراءة التراث فحسب، بل تتعدّاه إلى إعادة تعريف مفهوم النقد ذاته. فهو يطرح مقاربة أنثروبولوجية ترى في النقد نشاطًا اجتماعيًّا وثقافيًّا حيًّا، يُمارَس في تفاصيل الحياة اليومية للمسلمين العاديين، بعيدًا من دوائر النخب الأكاديمية والفكرية.
ويأتي كتاب الدين بوصفه نقدًا ليشكّل مساهمة مهمّة في إعادة التفكير النظري بمفاهيم الحداثة والتغيير، متناولًا موضوعات جوهرية مثل القومية؛ الدولة؛ الثقافة؛ الديمقراطية؛ العلمانية؛ والمساواة بين الجنسين، فاتحًا بذلك آفاقًا جديدة للنقاش حول علاقة الدين بالنقد والحداثة.