بدون شك تمتد الحياة في عالم متوقع، وآخر واقع، وثالث غير متوقع، ومن يريد أن يعرف الحياة فعليه بدخول مدارسها الرئيسة، وإذا استثنى أحد مجالات امتدادها الرئيسة استثنى من المعرفة التي تمده باستقراء خفاياها وتمكنه من البحث في كنوزها. أكون موجوداً على مقربة من كل واحد منكم في كل لحظة ودقيقة، في كل يوم وأسبوع، أثناء الحركة، وأثناء السكينة، في زمن الولوج وزمن الانسلاخ، فلماذا لا تعترفوا بوجودي ولا تفكروا في ضرورة علاقاتكم بي؟ فلكم مني فرصتان لتفكروا أكثر من مرة في كل مرة، وآلا ستخسرون ما لم تتوقعوا.
وفقاً لدراساتكم لعلوم السيد المتوقع عرفتم أنه لن تطير صغيرة ولا كبيرة على البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكي (البنتاجون) إلا وتعلم بها المخابرات الأمريكية وترديها قتيلة، هذه العلوم صادقة في حدود الامتداد المتوقع، ولكنها في مجال اختصاصنا فالأمر ليس كذلك. فلماذا لا تشتركوا في شبكات معلوماتنا المتجددة في كل حين لتطلعوا على آخر ما توصلنا إليه لتتمكنوا من المزيد المعرفي.

تتداخل في "نشوة ذاكرة" سردية الرواية مع شاعرية اللغة، في بناء آسرمحكم... من أجوائها الغرائبية تلقي هذه الرواية بظلالها على واقعنا مستشرفة المستقبل بعيداً عن المباشرة، متشحة بغلالة من الرمزية تومئ ولا تصف، محملة بدلالات حاولت أن تضيء بعضاً من الحلكة التي تلف حاضر أمتنا.