وتتركز مشكلة البحث في أن نموذجَي الدراسة يعتمدان على قواعد المنهج النقدي التاريخي – نظرياً - بغيةَ اكتشاف الحقيقة التاريخية الأقرب للواقع الذي حصلت فيه. ويفترض أن تحقق القراءتان - بما أنهما تعتمدان المنهج التاريخي - نتائجَ قريبةً من بعضهما على اعتبار أن الحقيقة التاريخية واحدة في ذاتها، ويبقى تفسير الحادثة التاريخية خاضعاً للتصور الخاص بكل باحث وقابلاً للاختلاف. لكن الواقع أن الاختلاف بين المنهجَين يصل إلى مستوى اختيار الرواية التاريخية نفسها وليس فقط التفسير. تناول الكتاب أعمال هذين المؤرخين الخاصة بدراسة السيرة والخلافة الراشدة كل منهما على حدة، في مقدمة وخمسة فصول، تناول الفصل الأول التكوين العلمي والتوجه الفكري لدى نموذجي الدراسة. وأما الفصل الثاني فكان لمقارنة مصادرهما، والمنهج المتّبع لنموذجي الدراسة. أما الفصل الثالث والرابع والخامس فكانت لتتبع اختيارات نموذجي الدراسة للروايات التاريخية ومن ثم نقد الإشكالات الناتجة عن اختياراتهما، حيث ركز الفصل الثالث على روايات العهد المكي، والفصل الرابع على روايات العهد المدني، والفصل الخامس على تاريخ الخلافة الراشدة. وأود التنبيه على أمرين قد يلحظهما قارئ هذا العمل: الأول يخص ما يلحظ في بعض المقاربات الحداثية لشخصية نبينا الكريم ، ومراحل سيرته من الأوصاف أو الأحكام التي لا تتوافق مع ما ينبغي لمكانته ، لدى المسلم ثم لا يرى عليها تعليقاً من الباحث، فإن المؤلف آثر عدم التفصيل في التعليقات على تلك المواقع ليس لقلة اهتمام، فهي والله قد وقعت منه مواقع الأسَل، وإنما اكتفاء ببيان تهافتها منهجياً، وربما كان ذلك أجدى في إقناع القارئ وأبلغ في شرح القضية من الحماس الذي يغلب الصبر المطلوب للدفاع عنها.
Share message here, إقرأ المزيد
قراءة التاريخ الإسلامي المبكر بين التراث والحداثة