يسعى كتاب الرِّواياتُ السَّردِيَّةُ عن الأصُولِ الإسلامِيَّة ِللإجابةِ عن سؤالَينِ: 1ـ لماذا، ومِنْ ثمَّ متَى قرَّرَ المسلمُونَ لأوِّلِ مرَّةٍ؟ أو لماذا شعرُوا بأنَّهُم ملزمُونَ أو مضْطرُّونَ إلَى كتابةِ التَّاريخِ؟ 2ـ كيفَ واصَلُوا علَى نحوٍ مطَّردٍ في إحكامِ و تطويرِ روايتِهِم في الكتابةِ التَّاريخِيَّةِ، وما إنْ كانُوا أفلحُوا فيما قرَّرُوا القيامَ به وتحمَّلَ مسؤوليَّتِهِ؟. هذانِ السُّؤالانِ يشكِّلانِ أسسَ شطرَي هذا الكتابِ؛ إذ يحاولُ القسمُ الأوَّلُ تحديدَ السِّياقِ الفكرِيِّ الذِي بدأ المسلمُونَ فيه التَّفكيرَ والكتابةَ التَّاريخِيَّةَ، في حينِ يحاولُ القسمُ الثَّانِي أنْ يضَعَ مخطَّطاً يرسمُ القضَايا والهيكلِيَّاتِ و ـ بشكلٍ موجَزٍ كثيراً ـ صِيغَ روايةِ التَّدوينِ التَّاريخِيِّ الإسلامِيِّ المبكرِ، والمطلوبُ أيضَاً مِنْ أجلِ معالجَةِ هذينِ السُّؤالَينِ أنْ أكرِّسَ النَّظرَ جدِّيَّاً في قيمةِ بعضٍ مِنَ التَّفسيراتِ الأساسِيَّةِ أو الرّاديكالِيَّةِ التَّنقيحِيَّةِ منها عن الإسلامِ المبكرِ التِي ظهرَتْ علَى مدَى العقدَينِ الماضِيَينِ، لدرجةِ أنَّ هذا صَارَ يشكِّلُ برنامجاً مركزِيَّاً ثالثاً مِنَ الكتابِ. ولقدْ بدأْتُ البحثَ في هذا المَوضُوعِ منذُ أكثرَ مِنْ خمسَةَ عشَرَ عاماً، ويمكنُ أنْ نأملَ فقطُ، أنَّ القرَّاءَ سوفَ يجدُونَ أنَّ النَّتائجَ تستحقُّ مثلَ هذا الانتظارِ. فمِنْ وجهةِ نظرِي، أراها قد انتهَتْ أخيراً بعدَ هذِهِ المدَّةِ الطَّويلَةِ، وأنَّها بحقٍّ تستحقُّ الجهدَ، تقريباً بكفِّ النَّظرِ عن النَّتائجِ.
Share message here, إقرأ المزيد
دراسة إستشراقية في عالم الغزالي وفكره