في غمرةِ خيبتنا الناتجة عن وُشوكِ غياب شمس الكتاب الورقي، كما المطبوعات الورقية الأخرى من صحف ومجلات، وفي أوجِ توهُّجِ بَهيرِ تقنيّات المواقع الإلكترونية، لا زال الكثير من الكُتَّاب يغامرون بإطلاق إصدارات تحاول بثَّ ومضات ورسائل وأفكار تمور في أعماق أعماق الدخيلة، وتتفاعل في خلايا الروح البشرية، كما للسعي إلى إبقاء لغتنا الجميلة الغنية في متناول الجيل الجديد، والراغبين في قراءة الكتاب من أعمار متفاوتة.
بين إدراكي لذلك الواقع الدّيْجوريّ القاتم، وأملي في قَبَسِ فجرٍ أفضل، نَحَوتُ صوب نشرِ هذه المجموعة القصصية التي اخترت لها عنواناً هو "على صهوة حلمٍ أبيض" بحيث يتناسب مع عنوان إحدى قصص المجموعة، كما يتناغم مع آمالنا وتطلعاتنا بخصوص إعادة الروح إلى الكتاب.

تتنوع المعالجات في القصص الثلاثين المرصوفة بين دفّتي هذا الكتاب، لتغطي مروحةً واسعةً من جوانب حيواتنا، تتدرّجُ بين هُمومنا اليومية إجتماعياً وإقتصادياً وسياسياً، تضيء حيناً على كهوف التبعية الخشبية الضريرة للزعيم، وأحياناً على أدغال المذهبية والطائفية والإقطاع السياسي.

وأكاد أجزم بأن القارئ الكريم سوف يرى صورته في بعض القصص، ويسمع رجع صدى توجعه أو فرحه في أخرى.

أزعم بأني بذلتُ ما بوسعي كي أقدّمَ للقارئ الكريم رحلةً ممتعةً سائغةً بين جنبات روضة غنية بورودها، يتنقل خلالها من حدثٍ جدّيٍ مبني على الواقع، إلى حدثٍ شَيِّقٍ مُتجلببٍ بثوب الخيال.